ورق أصفر

ألف ليلة وليلة ٢٥: مزين بغداد

Noha Elebiari Season 2 Episode 36

Send us a text

ألف ليلة وليلة. كتاب مسموع. كتاب صوتي. قصة مزين بغداد.  كوميديا. 
شخصية مزين بغداد أو حلاق بغداد هي واحدة من أشهر الشخصيات الكوميدية في قصص ألف ليلة وليلة. أدعوكم لمتابعة الحوار الممتع في هذه القصة اللطيفة.
للإطلاع على النص بمعاني الكلمات يمكنكم الضغط على كلمة Transcript  في صفحة البودكاست في الرابط:
https://waraqasfar.buzzsprout.com/1619083/15114607-
كما يمكن لمستمعي اليوتيوب الاستمتاع بتجربة استماع أكثر سلاسة والموبايل مغلق على صفحتنا. وتحميل المحتوى مجانا.
المحتوى أيضا متاح للاستماع والتحميل المجاني على جميع منصات البودكاست 
وهذا رابط الحلقة على منصة سبوتفاي:
https://open.spotify.com/episode/0BHaOc6Qm36KLQwp05LhED

فعِند ذلك تقدمَ الخياطُ وقال:

اِعْلمْ يا ملكَ الزمان أن الذي جرى لي أعجبُ مما جرى للجميع، لأني كنتُ قبلَ أن أجتمعَ بالأحدبِ أولَ النهارِ في وليمةٍ لبعضِ أصحابي أربابِ الصنائعِ من خياطين 

وبزَّازين[1] ونجارين وغيرِ ذلك، فلما طلَعت الشمسُ حضرَ الطعامُ لنأكلَ، وإذا بصاحبِ الدار قد دخلَ علينا ومعه شابٌ غريبٌ مليحٌ من أهلِ بغداد، وعلى ذلك الشابِ أحسنُ ما يكونُ من الثيابِ، وهو في أحسنَ ما يكونُ من الجمالِ غيرُ أنه أعرج، فدخلَ علينا وسلم، فقمنا له، فلما أرادَ الجلوسَ رأى فينا إنسانا مُزَيِّنا فامتنعَ من الجلوسِ وأرادَ أن يخرجَ من عِندَنا فمنعناه ....

نحنُ وصاحبُ المنزل، وشددنا عليه وحلَفَ عليه صاحبُ المنزل وقالَ له:

"ما سببُ دخولِك وخروجِك؟"

فقال:

"باللهِ يا مولاي، لا تتعرضْ لي بشيء. فإن سببَ خروجي هذا المُزَيِّن الذي هو قاعد."

فلما سمِعَ منه صاحبُ الدعوةِ هذا الكلامَ تعجبَ غايةَ العجبِ وقال:

"كيف يكونُ هذا الشابُ من بغداد وتشوشَ خاطرُه من هذا المُزَيِّن؟"

ثم التفتنا إليه وقلنا له:

"اِحكِ لنا ما سببُ غيظِك من هذا المُزَيِّن؟"

فقالَ الشاب:

"يا جماعة، إنه جرى لي مع هذا المُزَيِّنِ أمرٌ عجيبٌ في بغدادَ بلدي، وكان هو سببَ عرجي وكسرَ رجلي، وحلَفتُ أني ما بقِيتُ أقاعدُه في مكانٍ ولا أسكنُ في بلدٍ هو ساكنٌ بها. وقد سافرتُ من بغدادَ ورحلتُ منها وسكنتُ في هذه المدينةِ وأنا الليلةَ لا أبيتُ إلا مسافرا."

فقلنا له:

"باللهِ عليك أن تحكي لنا حكايتَك معه."

فاصفرَ لونُ المُزَيِّنِ حين سألنا الشابَ، ثم قالَ الشاب:

"اِعلَموا يا جماعةَ الخير أن والدي من أكابرِ تجارِ بغداد ولم يرزقْه اللهُ تعالى بوَلَدٍ غيري، فلما كبِرتُ وبلغتُ مبلغَ الرجال تُوُفيَ والدي إلى رحمةِ اللهِ تعالى وخَلََفَ لي مالا وخدما وحشما، فصرتُ أَلبَسُ أحسنَ الملابسِ وآكلُ أحسنَ المآكل[2]، وكان اللهُ سبحانَه وتعالى بغَضَّني في النساء، إلى أن كنتُ ماشيا يوما من الأيام في أزقة بغداد وإذا بجماعةٍ تعرضوا لي في الطريقِ فهرَبتُ ودخلتُ زقاقا لا ينفذْ وارتكنت في آخرِه على مصطبة. فلم أقعدْ غيرَ ساعةٍ وإذا بطاقةٍ[3] قبالةَ المكان الذي أنا فيه قد فُتِحت وطلَّت منها صبيةٌ كالبدرِ في تمامِه، لم أرَ في عمري مثلَها، ولها زرعٌ تَسقيه، وذلك الزرعُ تحتَ الطاقة، فالتفتَت يمينا وشِمالا، ثم قفلَت الطاقةَ وغابت عني، فانطلقت في قلبي النار، واشتغل خاطري بها، وانقلبَ بُغضي للنساء محبة، فلازلت ُجالسًا في هذا المكانِ إلى المغرِب وأنا غائبٌ عن الدنيا من شدةِ الغرام، وإذا بقاضي المدينةِ راكبٌ وقدامَّه عبيدٌ ووراءَه خدام، فنزَلَ ودخلَ البيتَ الذي طلَّت منه تلك الصبيةُ، فعرَفتُ أنه أبوها ثم إني جئتُ منزلي وأنا مكروبٌ ووقعتُ على الفراشِ مهموما، فدَخَلت عليّ جواريّ وقعدْن حولي ولم يعرفْن ما بي، وأنا لم أُبدِ لهن أمرا، ولم أَرُدْ لخطابِهِنَّ جوابا، وعظُم مرضي، فصارت الناسُ تعودُني، فدخلَت عليّ عجوزٌ، فلما رأتني لم يخفَ عليها حالي، فقعَدت عِندَ رأسي ولاطفتني وقالت:

"يا ولدي، قلْ ليَ خبرَك."

فحَكَيت لها حكايتي فقالت:

"يا ولدي، إن هذه بنتُ قاضي بغداد وعليها الحَجْر، والموضعُ الذي رأيتَها فيه هو 

طَبَقتُها[4]، وأبوها له قاعةٌ كبيرةٌ أسفل، وهي وحدُها، وأنا كثيرا ما أدخلُ عِندَهم، ولا تعرِفُ وِصالَها إلا مني، فشِدْ حَيْلَك[5]."

فتجلدتُ وقويتُ نفسي حين سمِعتُ حديثَها، وفرِحَ أهلي في ذلك اليوم، وأصبحتُ متماسكَ الأعضاءِ مترجيا تمامَ الصحة، ثم مضت العجوزُ ورجَعَت ووجهُها متغير، فقالت:

"يا ولدي، لا تسألْ عما جرى منها لما قلتُ لها ذلك، فإنها قالت لي إن لم تسكتي يا عجوزَ النحس عن هذا الكلامِ لأفعلن بك ما تستحقينه، ولابد أن أرجِعَ إليها ثاني مرة."

فلما سمِعتُ ذلك منها ازددتُ مرضا على مرضي، فلما كان بعدَ أيامٍ أتت العجوزُ وقالت:

"يا ولدي، أريدُ منك البشارة."

فلما سمِعتُ ذلك منها ردت رُوحي إلى جِسمي وقلتُ لها:

"لك عندي كلُ خير."

فقالت:

"إني ذهبتُ بالأمسِ إلى تلك الصبية، فلما نظرتني وأنا منكسرةُ الخاطرِ باكيةُ العينِ قالت:

"يا خالتي، مالي أراكِ ضيقةَ الصدر؟"

فلما قالت لي ذلك بكيتُ وقلتُ لها:

"يا بنتي وسيدتي، إني أتيتُكِ بالأمسِ من عِندِ فتًى يهواكِ وهو مشرفٌ على الموتِ من أجلِك."

فقالت وقد رقَّ قلبُها: 

"ومن أين يكونُ هذا الفتى الذي تذكرينه؟"

قلت:

"هو ولدي وثمرةُ فؤادي، ورآكِ في الطاقةِ من أيامٍ مضت وأنتِ تَسقين زرعَكِ، فهامَ بكِ عِشقا، وأنا أولُ مرةٍ أعلمتُه بما جرى لي معك، فزادَ مرضُه ولزِمَ الوساد، وما هو إلا ميتٌ ولا مَحالة."

فقالت وقد اصفرَ لونُها:

"هل هذا كلُه من أجلي؟"

قلت:

"أي واللهِ. فماذا تأمرين؟"

قالت:

"امضِي إليه وأَقرِئيه[6] مني السلام وأخبريه أن عِندي أضعافَ ما عِنده، فإذا كان يومُ الجُمْعَةِ قبلَ الصلاة يجيءُ إلى الدار، وأنا أقولُ اِفتَحُوا له الباب، وأُطَلِّعْه عِندي وأجتمعُ وإياه ساعًة ويرجِعُ قبلَ مجيءِ أبي من الصلاة."

فلما سمِعتُ كلامَ العجوزِ زالَ ما كنتُ أجدُ من الألمِ واستراحَ قلبي، ودفعتُ إليها ما كان عليّ من الثياب وانصرَفت، وقالت لي:

"طيِّب قلبَك."

فقلتُ لها:

"لم يبقَ فيّ شيءٌ من الألم."

وتبَاشَرَ أهلُ بيتي وأصحابي بعافيتي، ولم أزل كذلك إلى يومِ الجُمْعة، وإذا بالعجوزِ دخلت عليّ وسألتني عن حالي، فأخبرتُها أني بخيٍر وعافية، ثم لبِستُ ثيابي وتعطرتُ ومكَثتُ أنتظرُ الناسَ يذهبون إلى الصلاة حتى أمضي إليها، فقالت العجوز:

"إن معك من الوقتِ اتساعًا زائدًا فلو مضَيتَ إلى الحمامِ وأزلتَ شعرَك لاسيما من أثرِ المرض لكان في ذلك صلاحُك."

فقلتُ لها:

"إن هذا هو الرأيُ الصواب، لكن أحلِقُ رأسي أولا ثم أدخلُ الحمام."

فأرسلتُ إلى المُزَّينِ ليحلِقَ لي رأسي، وقلتُ للغلام:
"امضِ إلى السوق، وائتني بمُزَّينٍ يكونُ عاقلا قليلَ الفضول لا يُصَدِعُ رأسي بكثرةِ كلامِه."

فمضَى الغلامُ وأتى لي بهذا الشيخ، فلما دخلَ سلمَ عليّ فرددتُ عليه السلام، فقال:

"أذهبَ اللهُ غمَك وهمَك والبؤسَ والأحزانَ عنْك."

فقلت:

"تقبلَ اللُهُ منك."

فقال:

"أبشِرْ يا سيدي فقد جاءتك العافية. أتريدُ تقصيرَ شعرِك أو إخراجَ دمٍ فإنه وردَ عن ابنِ عباس أنه قال من قصَّرَ شعرَه يومَ الجُمْعةِ صرفَ اللهُ عنه سبعين داء، ورُوِيَ عنه أيضا أنه قال من احتجمَ يومَ الجُمْعَة لا يأمَنَُ ذَّهابَ البصرِ وكثرةَ المرض."

فقلتُ له:

"دعْ عنك هذا الهذيانَ وقم في هذه الساعة احلِقْ لي رأسي، فإني رجلٌ ضعيف."

فقامَ ومدَّ يدَه وأخرجَ مِنديلا وفتحَه، وإذا فيه أَصْطُرلاب[7] وهو سبعُ صفائحَ، فأخذه ومضى إلى وسَطِ الدار ورفعَ رأسَه إلى شعاعِ الشمس ونظرَ مليا وقالَ لي:

"اِعلَمْ أنه مضَى من يومِنا هذا، وهو يومُ الجُمْعة، وهو عاشرُ صفر سنةُ ثلاثٍ وستين وسبعِمِائٍة من الهِجرةِ النبوية، على صاحبِها أفضلَ الصلاةِ والسلام، وطالِعُه[8] بمقتضى ما أوجبَه علمُ الحساب 

من [9]المريخُ سبعِ درجٍ وستةِ دقائق، واتفقَ أنه قارنُه عُطارد، وذلك يدلُ على أن حلقَ الشعرِ جيدٌ جدا، ودل عندي أنك تريدُ الإقبالَ على شخصٍ وهو مسعود، لكنْ بعدَه كلامٌ يقعُ وشيءٌ لا أذكرْه لك."

فقلت:
"واللهِ لقد أضجرتَني وأزهقتَ رُوحي وفّولتَ[10] علي، وأنا ما طلبتُك إلا لتحلِقَ رأسي، فقمْ واحلقْ رأسي، ولا تُطِلْ عليّ الكلام."

فقال:

"واللهِ، لو علِمتَ حقيقةَ الأمرِِ لطلبتَ مني زيادةَ البيان. وأنا أشورْ[11] عليك أن تَعمَل اليومَ الذي آمرُك به بمقتضى حسابِ الكواكب، وكان سبيلُك أن تحمَدَ اللهَ ولا تخالفُني، فإني ناصحٌ لك وشفيقٌ عليك، وأوَدُ أن أكون في خدمتِك سنًة كاملة، وتقومُ بحقي، ولا أريدُ منك أجرًة على ذلك."

فلما سمِعتُ ذلك منه قلتُ له:

"إنك قاتلي في هذا اليوم ولا مَحالة."

وأدركَ شهرزادَ الصباحُ فسكتت عن الكلامِ المباح.

 

فلما كانت الليلةُ التاسعةُ والعِشرون 

قالت:

"بلغني أيها الملكُ السعيد أن الشابَ قالَ له إنك قاتلي في هذا اليوم، فقالَ يا سيدي أنا الذي تسميني الناسُ الصامتَ لقلةِ كلامي دونَ إخوتي لأن أخي الكبيرَ اسمُه البقبوق والثاني الهدّار والثالث بقيق الرابع اسمُه الكوزُ الأصواني والخامس اسمه العشار والسادس اسمه شقالق والسابع اسمُه الصامت، وهو أنا."

فلما زادَ عليّ هذا المُزَّينُ بالكلام رأيت أن مرارتي انفطرت، وقلتُ للغلام:

"أَعطِه ربعَ ديناٍر وخلِّه ينصرفْ عني لوجه اللهِ فلا حاجةَ لي في حلاقةِ رأسي."

فقالَ هذا المُزَّينُ حين سمِعَ كلامَي مع الغلام:

"أيُ شيٍء هذا المقالِ يا مولاي؟! واللهِ لا آخذُ منك أجرًة حتى أخدِمَك. ولابد من خِدْمَتِك فإنه واجبٌ عليّ خدمتَك وقضاءَ حاجتِك، ولا أبالي إذا لم آخذْ منك دراهم، فإن كنتَ لا تعرِفُ قدري فأنا أعرِفُ قدرَك، وكان والدُك رحمَه اللهِ تعالى له علينا الإحسان، لأنه كان كريما، واللهِ لقد أرسلَ والدُك خلفي يوما مثلُ هذا اليومِ المبارك، فدخلتُ عليه وكان عندَه جماعةٌ من أصحابِه فقالَ لي أَخرِجْ لي دمًا، فأخذتُ الأَصطُرلاب وأخذتُ له الارتفاعَ فوجدتُ طالعَ الساعةِ نحسا وإخراجَ الدمِ فيها صعبًا فأعلمتُه بذلك، فامتثلَ وصبَرَ إلى أن أتت الساعةُ الحميدة، وأخرجتُ له فيها الدمَ ولم يخالفُني بل شكرَني، وكذلك شكرَني الجماعةُ الحاضرون، وأعطاني والدُك مِائةَ دينارٍ في نظيرِ إخراجِ الدم."

فقلتُ له:

" لا رحِمَ اللهُ أبي الذي عرَفَ مثلَك."

فضحِكَ هذا المُزَيِّن وقال:

"لا إلهَ إلا الله محمدٌ رسولُ الله. سبحانَ من يغيرُ ولا يتغير. لا كنتُ أظنُك إلا عاقلًًًا، لكنك خرِفتَ من المرض، وقد قالَ اللهُ في كتابِه العزيز: والكاظمين الغيظَ والعافيَن عن الناس. وأنت معذورٌ على كلِ حال، وما أدري سببَ عجَلتِك وأنتَ تعلمُ أن والدَك ما كان يفعل شيئا إلا بمشورتي، وقد قيلَ إن المستشارَ مؤتمنٌ، وما تجدُ أحدا أعرفَ مني بالأمور، فأنا واقفٌ على أقدامي أخدِمُك وما ضجِرتُ منك فكيف ضجِرتَ أنت مني؟! وأنا أصبِرُ عليك لأجلِ ما لأبيك عليّ من الفضل."

فقلتُ له:

"واللهِ لقد أطلتَ عليّ الخطابَ وزِدتَ عليّ في المقال، وأنا قصدي أن تحلِقَ رأسي وتنصرفَ عني."

وأظهرُت الغضبَ وأردتُ أن أقومَ وإن كان بلَّ رأسي، فقال:

"قد علِمتُ أنه قد غلبَ عليك الضجرُ مني، لكن لا أؤاخذُك لأن عقلَك ضعيفٌ وأنت صبي، ومن زمنٍ قريبٍ كنتُ أحمِلُك على كَتِفَي وأمضي بك إلى المكتب."

فقلتُ له:

"يا أخي، بحقِ اللهِ عليك انصرفْ عني حتى أقضي شُّغلي، وقمْ إلى حالِ سبيلِك."

ثم مزقتُ أثوابي. فلما رآني فعلتُ ذلك أخذَ الموسى[12] وسنَّه[13] ولازال يسُنُه حتى كادت روحي أن تفارقَ جسمي، ثم تقدمَ إلى رأسي وحلقَ منها بعضا، ثم رفعَ يدَه وقال:

"يا مولاي، العجلةُ من الشيطان."

ثم انه أنشدَ هذين البيتين[14]:

تأنَ ولا تـعـجـلْ لأمٍر تريدُه  . . . وكنْ راحما للناس تُبلى براحمِ

فما من يد إلا يدَ اللهِ فوقَها . . . ولا ظــالـٍم إلا ســيــُبــلى بظـــالــمِ 

 

ثم قال:

"يا مولاي، ما أظنُك تعرفُ منزلَتي، فإن يدي تقعُ على رأسِ الملوكِ والأمراءِ والوزراءِ والحكماءِ والفضلاءِ وفي مثلي قالَ الشاعر:

جميعُ الصنائعِ مثلُ العقود . . . وهذا المُزَيِّنُ دُرُ الســلـوك

فيعلو على كل ذي حكمٍة . . . وتحتَ يديه رؤوسُ[15] الملوك

 

فقلتُ له:

"دعْ ما لا يعنيك، فقد ضيقتَ صدري وأشغلتَ خاطري."

فقال:

"أظنُك مستعجلا."

فقلت:

"نعم. نعم. نعم."

فقال:

"تمهلْ على نفسِك. فإن العجلةَ من الشيطان. وهي تُوَرِّثُ الندامةَ والحِرمان، وقد قالَ عليه الصلاة والسلام: خير الأمورُ كان فيه تأنٍ، وأنا واللهِ رابنَي أمرُك، فأشتهي أن تُعَرِفَّني ما الذي أنت مستعجلٌ من أجلِه ولعله خير، فإني أخشى أن يكون شيئا غير ذلك، وقد بقِي من الوقتِ ثلاثُ ساعات."

ثم غضِب ورمى الموسى من يدِه وأخذَ الأَصطُرلابَ ومضى إلى الشمس، ووقفَ حِصًة مديدة وعادَ وقال:

"قد بقِيَ لوقتِ الصلاةِ ثلاثُ ساعاتٍ لا تَزيدُ ولا تَنقُص."

فقلتُ له:

"باللهِ عليك، اسكُت فقد فتتَ كَبِدي."

فأخذَ الموسى وسنَّه كما فعلَ أولا، وحلقَ بعضَ رأسي وقال:

"أنا مهمومٌ من عجلتِك فلو أطلعتني على سببِها لكان خيرا لك، لأنك تعلمُ أن والدَك ما كان يفعلُ شيئا إلا بمشورتي."

فلما علِمتُ أن ما لي منه خلاصٌ قلتُ في نفسي، قد جاءَ وقتُ الصلاة وأريدُ أن أمضى قبلَ أن تخرجَ الناسُ من الصلاة، فإن تأخرتُ ساعًة لا أدري أين السبيلُ إلى الدخولِ إليها. فقلت:

"أوجِزْ ودعْ عنك هذا الكلامَ والفضول، فإني أريدُ أن أمضي إلى دعوٍة عندَ أصحابي."

فلما سمِعَ ذِكرَ الدعوةِ قال:

"يومُك يومٌ مباركٌ علي، لقد كنتُ البارحةَ حلَفتُ على جماعةٍ من أصدقائي ونسِيتُ أن أجهزَ لهم شيئا يأكلونه، وفي هذه الساعة تذكرتُ ذلك. وافضيحتاه منهم!"

 فقلتُ له:

"لا تهتمْ بهذا الأمر، بعدَ تعريفِك أنني اليومَ في دعوة فكلُ ما في داري من طعامٍ وشرابٍ لك إن أنجزتَ أمري وعجَّلتَ حلاقةَ رأسي."

فقال:

"جزاكَ اللهُ خيرا. صِفْ لي ما عندَك لأضيافي حتى أعرِفَه."

فقلت:

"خمسةٌ أوانٍ من الطعامِ، وعشْرُ دجاجاتٍ مُحمرَاتٍ وخروفٌ مشوي."

فقال:

"أحضِرْها لي حتى أنظر."

فأحضرتُ إليه جميعَ ذلك. فلما عاينَه قال:

"بقِي الشراب."

فقلتُ له:

"عِندي."

فقال:

"أحضِرْه."

فأحضَرتُه له. فقال[16]

"للهِ دُرُك. ما أكرمَ نفسَك. لكنْ بقِيَ البَخورُ والطِيب."

فأحضَرتُ له 

دُّرجَاً فيه نَّدٌ[17] وعودٌ وعنبر ومسك يساوي خمسين دينارا. وكان الوقتُ قد ضاقَ حتى صارَ مثلَ صدري، فقلتُ له:

"خذْ هذا واحلق لي جميعَ رأسي بحياةِ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم."

فقالَ المُزَيِّن:

"واللهِ ما آخذُه حتى أرى جميعَ ما فيه."

فأمرتُ الغلامَ ففتحَ له الدُرجَ فرمى المُزَيِّنُ الأَصطُرلابَ من يدِه وجلسَ على الأرضِ يقلبُ الطِيبَ والبَخورَ والعودَ الذي في الدُرجِ حتى كادت روحي أن تفارقَ جسمي، ثم تقدمَ وأخذَ الموسى وحلَقَ من رأسي شيئا يسيرا وقال:

"واللهِ يا ولدي ما أدري أشكرُك أم أشكرُ والدَك، لأن دعوتي اليومَ كلُها من بعضِ فضلِك وإحسانِك وليس عندي من يستحقُ ذلك وإنما عندي زيتونٌ الحمامي وصليعٌ الفسخاني وعَوكَلٌ الفوال وعِكرِشةٌ البقال وحميدٌ الزبال وعكارشُ اللبان، ولكلٍ من هؤلاءِ رقصةٌ يرقصُها وأبياتٌ ينشِدُها، وأحسنُ ما فيهم أنهم مثلُ الملوك، وعبدُك أنا لا أعرِفُ كثرةَ كلامٍ ولا فضول، أما الحماميُ فإنه يقولُ إن لم أذهبْ إليها تجيئْني بيتي، وأما الزبالُ فإنه ظريفٌ خليعٌ كثيرا ما يرقصُ ويقولُ: الخبزُ عندَ زوجتي ما صارَ في صُندوق. وكلُ واحدٍ من أصحابي له لطائفُ لا توجدُ في الآخر، وليس الخبرُ كالعَيَان، فإن اخترتَ أن تحضُرَ عندنا كان ذلك أحبَ إليك وإلينا، واتركْ رَواحَك إلى أصدقائك الذين قلتَ لي إنك تريدُ الذَّهابَ إليهم، فإن عليك أثرَ المرض، وربما تمَضِي إلى أقوامٍ كثيري[18]الكلام يتكلمون فيما لا يَعنيهِم، وربما يكون فيهِم واحدٌ فضولي، وأنتَ قلِقَت رُوحُك من المرض."

فقلت:

"إن شاءَ اللهُ يكونُ ذلك في غيرِ هذا اليوم."

فقالَ لي:

"الأنسبُ أن تقدمَ حضورَك عِندَ أصحابي لتغتنمَ مؤانستَهم وتفوزَ بملحِهم وتعمَلَ بقولِ الشاعر:

لا تؤخرْ لذةً إن أمكنت . . . إنما الدهرُ سريعُ العطب

فضحِكتُ من قلبٍ مشحونٍ بالغيظِ وقلتُ له:

"اِقضِ شغلي وأسيرَ أنا في أمانِ اللهِ تعالى وتمضي أنتَ إلى أصحابِك، فإنهم منتظرون قدومك."

فقال:

"ما طلبتُ إلا أن أعاشرَك بهؤلاءِ الأقوامِ فإنهم من أولادِ الناسِ الذي ما فيهم فضولي، ولو رأيتَهم مرةً واحدةً لتركتَ جميعَ أصحابِك." 

فقلتُ له:

"نَعَّمَ اللهُ سرورَك بهم، ولابدَ أن أحضِرَهم عندي يوما."

فقال:

"إذا أردتَ ذلك وقدَّمتَ دعوةَ أصحابِك هذا اليوم فاصبِرْ حتى أمضي بهذا الاكرامِ الذي أكرمتَني به وأدعَه عندَ أصحابي يأكلُون ويشرَبون ولا ينتظرونني[19]، ثم أعودُ إليك وأمضي معك إلى أصدقائك. فليس بيني وبين أصدقائي حِشْمَةٌ[20] تمنعُني من تركِهم والعودِ إليك عاجلا، وأمضي معك أينما توجهت."

فقلت:

"لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ العلي العظيم. اِمضِ أنتَ إلى أصدقائك وانشرحْ معهم ودعني أمضِ[21]إلى أصدقائي وأكونْ معهم في هذا اليوم، فإنهم ينتظرون قدومي."

فقال اَلمزين:

"لا أدعُك تمضي وحدَك."

فقلتُ له:

"إن الموضعَ الذي أمضي إليه لا يقدِرْ أحدٌ أن يدخلَ فيه غيري."

فقال:

"أظنُك اليومَ في ميعادِ واحدة[22]، وإلا كنتَ تأخذُني معك، وأنا أحقُ من جميعِ الناس، وأساعدُك على ما تريد، فإني أخافُ أن تدخلَ على امرأةٍ أجنبيةٍ فتروحُ روحُك، فإن هذه مدينةَ بغدادَ لا يقدِرُ أحدٌ أن يعمَلَ فيها شيئا من هذه الأشياءِ في مثلِ هذا اليوم، وهذا والي بغدادَ صارمٌ عظيم."

فقلت:

"ويلَك يا شيخَ الشر! أي ُشيءٍ هذا الكلامُ الذي تقابلُني به؟!"

فسكتَ سكوتا طويلا، وأدركَنا وقتُ الصلاة وجاءَ وقتُ الخطبة، وقد فرَغَ من حلقِ رأسي. فقلتُ له:

"اِمضِ إلى أصحابِك بهذا الطعامِ والشراب، وأنا أنتظرُك حتى تعودَ وتمَضي معي."

ولم أزل أخادعُه لعله يمضي، فقالَ لي:

"إنك تخادعُني وتمضي وحدَك وترمي نفسَك في مصيبةٍ لا خلاصَ لك منها، فاللهِ الله لا تبرحْ حتى أعودَ إليك وأمضي معك حتى أعلمَ ما يتمُ من أمرِك."

 فقلتُ له:

"نعم. لا تبطئْ عليّ."

فأخذَ ما أعطيتُه من الطعامِ والشرابِ وغيرِه وخرجَ من عِندِي. فسلمَّه إلى الحمالِ ليوصلَه إلى منزلِه وأخفى نفسَه في بعضِ الأزقة. ثم قمتُ من ساعتي وقد أعلنوا على المناراتِ بسلامِ الجمعة، فلبِستُ ثيابي وخرجتُ وحدي وأتيتُ إلى الزقاقِ ووقفتُ على البيتِ الذي رأيتُ فيه تلك الصبية. وإذا بالمُزَيِّنِ خلفي ولا أعلمُ به، فوجدتُ البابَ مفتوحا فدخلت، وإذا بصاحبِ الدارِ عادَ إلى منزلِه من الصلاةِ ودخلَ القاعةَ وغلقَ البابَ فقلت، من أين علِمَ هذا الشيطانُ لي، فاتفقَ في هذه الساعةِ لأمرٍ يريدُه اللهُ من هتكِ سري أن صاحبَ الدارِ أذنبت جاريةٌ عِندَه فضرَبَها فصاحت فدخلَ عندَه عبدٌ ليخلصَها فضرَبَه، فصاحَ الآخر فاعتقدَ المُزَيِّنُ أنه يضرِبُني فصاحَ ومزقَ أثوابَه وحَثَى الترابَ[23]على رأسِه وصارَ يصرخُ ويستغيثُ والناسُ حولَه وهو يقول:

"قُتِلَ سيدي في بيتِ القاضي."

ثم مضى إلى داري وهو يصيحُ والناسُ خلفَه، وأعلمَ أهلَ بيتي وغِلماني، فما درَيتُ إلا وهم قد أقبلوا يصيحون، واسيداه! كلُ هذا والمزينُ قدامَهم وهو ممزقُ الثياب والناسُ معه . ولم يزالوا يصرخون وهو في أوائلِهم يصرخ وهم يقولون واقتيلاه! وقد أقبلوا نحو الدارِ التي أنا فيها، فلما سمِعَ القاضي ذلك عظُم عليه الأمر، وقامََ وفتحَ البابَ فرأى جمعا عظيما فبُهت، وقال:

"يا قوم. ما القصة؟"

فقالَ له الغِلمان:

"إنك قتلتَ سيدَنا."

فقال:

"يا قوم، وما الذي فعلَه سيدُكم حتى أقتلَه؟"

وأدركَ شهرزادَ الصباحُ فسكتت عن الكلامِ المباح.

 

فلما كانت الليلةُ المُوفِيةُ للثلاثين

قالت بلغني أيها الملكُ السعيد أن القاضيَ قال للغِلمان:

"ما الذي فعله سيدُكم حتى أقتلَه ومالي أرى هذا المُزَيِّنَ بين أيديكِم؟"

فقالَ له المُزَيِّنُ:
"أنت ضربتَه في هذه الساعةِ بالمقارعِ، وأنا أسمعُ صياحَه."

فقاَل القاضي:

"وما الذي فعلَه حتى أقتلَه؟ ومن أدخلَه داري؟ ومن أين جاءَ وإلى أين يقصِد؟"

فقالَ له المُزَيِّنُ:

"لا تكن شيخا نحسا، فأنا أعلمُ الحكايةَ وسببَ دخولِ دارِك وحقيقةَ الأمرِ كلِه، فبنتُك تعشقَه، وهو يعشقُها، فعلِمتَ أنه قد دخلَ دارَك وأمرتَ غِلمانَك فضربوه. واللهِ. ما بيننا وبينك إلا الخليفةُ، أو تُخرِجُ لنا سيدَنا ليأخذَه أهلُه، ولا تحُوِجْني إلى أن أدخلَ وأخرِجَه من عندِكم وعجِّلْ أنتَ بإخراجِه."

فالتجم[24] القاضي عن الكلامِ وصارَ في غايةِ الخجلِ من الناس، وقالَ للمُزَيِّن:

"إن كنتَ صادقا فادخلْ أنتَ وأخرِجْه."

فنهضَ المُزينُ ودخلَ الدار، فلما رأيتُ المزينَ دخلَ أردتُ أن أهربَ فلم أجدْ لي مهرباً. غيرُ إني رأيتُ في الطبقةِ التي أنا فيها صندوقا[25] كبيرا فدخلتُ فيه، ورددتُ الغِطاءَ عليه وقطعتُ النفس، فدخلَ القاعةَ بسرعة، ولم يلتفتْ إلى غيرِ الجِهةِ التي أنا فيها، بل قصَدَ الموضعَ الذي أنا فيه، والتفتَ يمينا وشِمالا فلم يجدْ إلا الصندوقَ الذي أنا فيه فحمَلَه على رأسِه، فلما فعلَ ذلك غابَ رشدي، ثم مرَ مسرعا، فلما علِمتُ أنه ما يتركُني فتحتُ الصندوقَ وخرجتُ منه بسرعة ورمَيتُ نفسي على الأرضِ فانكسرت رجلي. فلما توجهتُ إلى البابِ وجدتُ خلقا كثيرا، لم أرَ في عمري مثلَ هذا الازدحامِ الذي حصَلَ في ذلك اليوم، فجعلتُ أنثرُ الذهبَ على الناسِ ليشتغِلوا به، فاشتغَلَ الناسُ به، وصرتُ أجري في أزقةِ بغداد، وهذا المُزَيِّنُ خلفي، وأي مكانٍ دخلتُ فيه يدخلُ خلفي وهو يقول:

"أرادوا أن يُفجعوني في سيدي. الحمدُ للهِ الذي نصرني عليهِم وخلصَ سيدي من أيديهم. فمازلتَ يا سيدي مولعا بالعجلةِ لسوءِ تدبيرك حتى فعلتَ بنفسِك هذه الأفعال، فلولا مَنَّ اللهُ عليك بي ما كنتَ خلَصتَ من هذه المُصيبةِ التي وقَعتَ فيها، وربما كانوا يرمُونك في مصيبةٍ لا تخلُصُ منها أبدا، فأطلبُ من اللهِ أن أعيشَ لك حتى أُخلِصَك، واللهِ لقد أهلكتني بسوءِ تدبيرِك، وكنتَ تريدُ أنك تروحَ وحدَك، ولكن ما نؤاخذُك على جهلِك لأنك قليلَ العقلِ عَجول."

فقلتُ له:

"أما كفاك ما جرى منك حتى تجريَ ورائي في الأسواق؟!"

وصرتُ أتمنى الموتَ لأجلِ خلاصي منه، فلا أجدُ موتا ينقذُني منه فمن شدةِ الغيظِ فررتُ منه ودخلتُ دكانا في وسَطِ السوق، واستجرتُ بصاحبِها، فمنعَه عني وجلستُ في مخزن، وقلتُ في نفسي: ما بقِيتُ أقدِرُ أن أفترقَ من هذا المُزَيِّن، بل يقيمُ عِندي ليلا ونَّهارا ولم يبقَ فيّ قدرةٌ على النظرِ إلى وجهِه، فأرسلتُ في الوقتِ أحضرتُ الشهودَ وكتبتُ وصيةً لأهلي وفرقتُ مالي وجعلتُ إنسانا ناظرا عليهم، وأمرتُه أن يبيعَ الدارَ والعقاراتِ، وأوصيتُه بالكبارِ والصغار، وخرجتُ مسافرا من ذلك الوقتِ حتى أتخلصَ من هذا القواد، ثم جئتُ إلى بلادِكم فسكنتُها، ولي فيها مدةٌ. فلما عَزَمْتم عليّ وجئتُ إليكم رأيتُ هذا القبيحَ القوادَ عندَكم، في صدر ِالمكان، فكيف يستريحُ قلبي ويطيبُ مقامي عنِدَكم مع هذا، وقد فعلَ معي هذه الأفعال، وانكسرت رجلي بسببِه، ثم إن الشاب امتنع من الجلوس، فلما سمعنا حكايته مع المزين قلنا للمزين:

"أحقٌ ما قالَه هذا الشابُ عنك؟"

فقال:

"واللهِ أنا فعلتُ ذلك بمعرفتي، ولولا أني فعلتُ ذلك لهلِك، وما سببُ نجاتِه إلا أنا، ومن فضلِ اللهِ عليه بسببي أنه أُصيبَ برجلِه ولم يُصِبْ برُوحِه، ولو كنتُ كثيرَ الكلامِ ما فعلتُ معه ذلك الجميل، وها أنا أقولُ لكم حديثا جرى لي حتى تصدقوا أني قليلُ الكلام، وما عندي فضولٌ من دون إخوتي، وذلك أني كنتُ ببغدادَ في أيامِ خلافةِ أميرِ المؤمنين المنتصر بالله[26] و... 


[1]  البَزُّ: الثيابُ، أو مَتاعُ البيتِ من الثيابِ ونحوِها،وبائعُهُ: البَزَّازُ.
[2] المآكل: جمع مأكل، أي كل ما يؤكل.
[3]  أعتقد أن المقصود هنا "طاق" وهو المعقوف كالقوس أي المقوس من البناية مثل الشرفة أو النافذة التي يكون أعلاها على شكل قوس.
[4] طِباقٌ بعضها على بعض، وكل واحد من الطباق طَبَقة، وفي البناية نقول في اللغة المعاصرة طابِق، ويقصد هناك المكان الذي تسكن فيه، مثل شقة.
[5]  الحَيل: الحركة والقوة. ويقال لا حَوْل ولا قُوَّة إِلا بالله ولا حَيْلَ ولا قُوَّة إِلا بالله.
[6]  أَقرِئيه: صيغة أمر من الفعل الرباعي "أقرَأ" وليست من الثلاثي "قرأ". ويقال أقرِئ فلانا السلام.
[7]  تكتب في المعاجم بالسين: أسطرلاب، وهو جهاز فلكي ذو أشكال وأحكام مختلفة استخدمه القدماء لتعيين ارتفاعات الأجرام السماوية ومعرفة الوقت والجهات الأصلية.
والكلمة من الأصل اليوناني Atrolabos     وتعني آخذ النجوم.

[8]  الطالع في اصطلاح المنجمين، هو البيت الأول من البيوت الفلكية. ووفقا للتقليد في هذا المجال، تقسم السماء إلى اثني عشر قطاعا ويسمى كل قطاع منزل أو بيت أو منزلة. وتستخدم هذه البيوت في تحديد مواقع الكواكب والأجسام السماوية الأخرى، وتأثيرها على حياة الأشخاص وفقا للمنجمين. والطالع هو أول البيت وموقعه مشرق الشمس. 

[9]  أضفت "من" هنا على النص الأصلي لتستقيم الجملة، بالرجوع إلى نسخة محسن مهدي "كتاب ألف ليلة وليلة من أصوله العربية الأولى". وهذه الأخيرة هي النسخة الوحيدة المطبوعة التي حققت على نحو علمي واحتفظت بلغة المخطوطات كما هي.
[10]  فوَّل على فلان:  أي تنبأ له بشيء سيء ما قد يؤدي إلى حدوث هذا الشيء بسبب النبوءة. ولم أعثر عليها في المعاجم العربية المتاحة لي، لكنها موجودة في اللسان المصري. وهي من أصل عربي "فأل" بغير الهمزة "فال" مقبولة أيضا في العربية، ويرى البعض أنها تعني الحسن والسيء.

[11]  أشار يشير، والعربية الصحيحة هنا "أشير عليك" وقد صححها هنداوي في نسخته. لكني آثرت الاحتفاظ بها كما هي لأنها قريبة من اللسان المصري، وهي وغيرها من هذه الكلمات تحمل ما تبقى من نكهة لغة المخطوطات الأصلية. وقرأتها مسكنة لأنها لا تنطق ساكنة في اللسان المصري.
[12]  الموسى يؤنث ويذكر.

[14] نسبت بعض المصادر هذين البيتين للشاعر محمد بن محمد بن المعطي المسطاري المكناسي.  1246 - 1305 هـ  183 - 1887 . ومكناس هي بلدة في المغرب وأحد عواصمه التاريخية.
[15] كتبت في الأصل رؤس. والبعض يكتبها رءوس وكتبها على هذه الشاكلة مختار الصحاح. ولكنها تكتب في الغالب "رؤوس". ومن الطريف أن الوسيط كتبها في مواضع "رؤوس" وفي أخرى "رءوس" بغير تفسير واضح.
[16] أضفت الفاء إلى الأصل "قال"

[17]  النَّد: نوع من الطِيب.
[18]  كتبت في الأصل "كثيرين الكلام".
[19]  في الأصل "ينتظروني"
[20]  الحِشْمَةُ: الحَياءُ والانْقِباضُ.
[21]  في الأصل "دعني أمضي" لكني اعتبرت الفعل مجزوما كجواب للطلب.
[22]  كتبت في الأصل "واحد" وقد عدلت في عدد من النسخ اللاحقة إلى "واحدة" وهي في نسخة محسن مهدي المأخوذة عن المخطوطات "واحدة" ومن ثم عدلتها إذ تبدو أفضل للسياق.
[23] حثى التراب: ألقى التراب
[24] التجم: بمعنى لبس اللجام وهي مجازية بمعنى صمت رغما عنه من أثر الصدمة والمفاجأة. ولم أجد هذه الكلمة في المعاجم العربية المتاحة لي. لكن صياغتها الصرفية مزيدة بحرفين بمعنى المطاوعة وأعتقد أنها صحيحة. وهي كلمة قريبة من المصرية "اتلجِّم" بالمعنى نفسه.
[25]  كتبت في الأصل صنقدوقا ومن الواضح أنه خطأ مطبعي
[26] كتب في المخطوط المتاح لي عبر الانترنت وفي نسخة حسن مهدي "المستنصر" ابن المستضيء. والأول حكم في الفترة من ١٢٢٦ حتى ١٢٤٢. وهو ليس ابن المستضيء ولكنه ابن حفيده الظاهر. بينما المنتصر حكم من ٨٦١ حتى ٨٦٢ فترة أقل من عام قبل أن يقتل. أي الفرق بين الاثنين نحو ثلاثة قرون! 
والمستنصر هو الذي اشتهر بالعدل وتكريم أهل العلم والدين وقربهم، وأنشأ المساجد والمدراس والمستشفيات. وبنى مدرسة سميت باسمه المدرسة المستنصرية في بغداد. لكن الإشكالية التاريخية تقع مع معاصرة زبيدة ٧٦٦ - ٨٣١ زوجة هارون الرشيد لهذه القصص. ولهذا السبب قرر مصحح بولاق أن يغير الاسم.