ورق أصفر
ورق أصفر
ألف ليلة وليلة ٢٢: قصة النصراني
يحكي النصراني قصته على أمل أن يجدها الملك أكثر إثارة من قصة الأحدب وتشفع له من العقاب شنقا. ويحكي لنا قصة رجل التقى به قطعت كفه، وكيف كلفه الحب جزءا من جسده لكنه أعطاه ثروة عظيمة في النهاية.
فعندَ ذلك تقدمَ النصراني وقالَ للملك "يا ملكَ الزمان، إن أذنتَ لي حدثتُك بشيءٍ جرى لي، وهو أعجبُ وأغربُ وأطربُ من قصةِ الأحدب، فقالَ الملك "حدِثنا بما عِندَك" فقالَ النصراني "اعلمْ يا ملكَ الزمان أني لما دخلتُ تلك الديارَ أتيتُ بمتجرٍ وأوقفَني المُقدَرُ عندَكم، وكان مولدي بمصر، وأنا من قِبطِها[1] وتربيتُ بها، وكان والدي سمسارا، فلما بَلَغتُ مَبلغَ الرجالِ تُوفِيَ والدي فعمِلتُ سمسارا مكانَه، فبينما أنا قاعدٌ يوما من الأيام وإذا بشابٍ أحسن ما يكون، وعليه أفخرُ ملبوسٍ وهو راكبٌ حمارا، فلما رآني سلمَ عليّ، فقمتُ إليه تعظيما له، فأخرجَ مِنديلا وفيه قدرٌ من السِّمسم، وقال "كم يساوي الإرْدَبُ[2] من هذا؟" فقلتُ له "مائةُ درهم" فقال لي "خذ التراسين[3]والكيالين واعمِد[4] إلى خان الجوالي في باب النصر[5]، تجدْني فيه" وتركَني ومضى وأعطاني السِّمسمَ بمِندِيلِه الذي فيه العَيِّنَة[6] فدرتُ على المشترين فبلغَ ثمنُ كلِ إردبٍ[7] مائةً وعشرين
دِرهما، فأخذتُ معي أربعةَ تراسين ومضيتُ إليه، فوجدتُه في انتظاري، فلما رآني قامَ إلى المخزنِ وفتحَه، فكِيلناه[8] فجاءَ جميعُ ما فيه خمسين إردبا، فقالَ الشاب "لك في كلِ إردب عشرةُ دراهم سمسرة، واِقبِضْ الثمن، واِحفظْه عِندَك، وقدِّرْ الثمنَ خمسةَ آلاف، لك منها خمسُمائة ويبقى لي أربعةُ آلافٍ وخمسُمائة، فإذا فَرَغَ بيعُ حواصلي[9] جئتُ إليك وأخذتُها."
فقلتُ له:
"الأمرُ كما تريد."
ثم قبلتُ يدَيه ومضَيتُ من عندِه، فحصَلَ لي في ذلك اليوم ألفُ درهم، وغابَ عني شهرا، ثم جاءَ وقالَ لي:
"أين الدراهم؟"
فقلتُ له:
"ها هي حاضرة."
فقالَ:
"ِاحفَظْها حتى أجيءَ إليك فآخذَها."
فقَعَدتُ أنتظرُه، فغابَ عني شهرا، ثم جاءَ وقالَ لي:
"أين الدراهمُ؟"
فقمتُ وسلمتُ عليه وقلتُ له:
"هل لك أن تأكلَ عندَنا شيئا؟"
فأبى وقالَ لي:
"اِحفَظْ الدراهمَ حتى أمضي وأجيءَ فآخذَها منك."
ثم ولى فقمتُ وأحضرتُ له الدراهمَ وقَعَدتُ أنتظرُه، فغابَ عني شهرا، فقلتُ في نفسي إن هذا الشابَ كاملُ السماحة، ثم بعدَ الشهرِ جاءَ وعليه ثيابٌ فاخرةٌ وهو كالقمرِ ليلةَ البدر. وكأنه قد خرجَ من الحمامِ ووجهُه كالقمر، وهو بخدٍ أحمرَ وجَبينٍ أزهرَ[10] وشامةٌ كأنها قرصُ عنبر، وفي مثلِ ذلك قالَ الشاعر:
البدرُ والشمسُ في برجٍ قد اجتمعا
في غايةِ الحسنِ والإقبالِ قد طَلَعَا
وزادَ حسنَهما للناظرين هوًى
فيا له عندما داعي السرورِ دعا
في الحسنِ والظَّرفِ قد زادا وقد كمُلا
إليهما الروح راحت والفؤاد سعى
تبارك اللهُ مخلوقاتُه عجبٌ
ما شاءَ ربُ العلا في خلقِه صنعا
فلما رأيتُه قبلتُ يديه ودعوتُ له، وقلتُ له:
"يا سيدي. أما تقبِضُ دراهمَك؟"
فقال:
"مهلا عليّ حتى أفرَغَ من قضاءِ مصالحي وآخذُها منك."
ثم ولى، فقلتُ في تفسي، واللهِ إذا جاءَ لأُضَيفنَّه لكوني انتفعتُ بدراهمِه وحصَلَ لي منها مالٌ كثيرٌ، فلما كانَ آخرُ السنة، جاءَ وعليه بدلةٌ أفخرُ من الأولى، فحَلَفتُ عليه أن ينزِلَ عِندِي ويَضِيفني، فقالَ لي:
"بشرطِ أن ما تنفقَه من مالي الذي عندك."
قلتُ:
"نعم."
وأجلستُه ونزَلتُ فهيأتُ ما ينبغي من الأطعمةِ والأشربةِ وغيرِ ذلك وأحضرتُه بين يديه، وقلتُ له:
"باسمِ الله."
فتقدمَ إلى المائدةِ ومدَ يدَه الشِمالِ وأكلَ معي، فتعجبتُ منه، فلما فرَغنا غسلَ يدَه وناولتُه ما يمسحُها به، وجلسنا للحديث، فقلت:
"يا سيدي، فرجْ عني كُربةً، لأي شيءٍ أكلتَ بيدِك الشِمال؟" لعل في يدِيك شيئا يؤلمُك؟"
فلما سمِعَ كلامي أنشدَ هذين البيتين:
خليلي لا تسألْ على ما بمهجتي
من الحرَّى [11]فتظهرَ أسقامْ
وما عن رضا فارقتُ سلمى معوِّضا
بديلا ولكن للضرورةِ أحكامْ
ثم أخرج َيدَه من كُّمه، وإذا هي مقطوعةٌ زَّنْدٌ[12] بلا كف، فتعجبتُ من ذلك، فقالَ لي:
"لا تعجبْ ولا تقلْ في خاطرِك إني أكلتُ معك بيدي الشِمالِ عجبا، ولكن لقطعِ يدي اليمينِ سببٌ من العجب."
فقلتُ له:
"وما سببُ ذلك؟"
فقال:
"اعلمْ أني من بغداد ووالدي من أكابرِها، فلما بلغتُ مبلغَ الرجال سمِعتُ السياحينَ والمسافرينَ والتجارَ يتحدثون بالديارِ المصرية، فبقِيَ ذلك في خاطري حتى ماتَ والدي فأخذتُ أموالا كثيرةً وهيأتُ متجرا من قماشٍ بغدادي وموصلي ونحو ذلك من البضائعِ النفيسة، وحزَمتُ ذلك وسافرتُ من بغداد، وكتبَ اللهُ السلامةَ لي حتى دخلتُ مدينتَكم هذه ثم بكى وأنشدَ هذه الأبيات:
قد يسلَمُ الأكمهُ[13] من حفرةٍ
يسقطُ فيها الباصرُ الناظرُ
ويسلمُ الجاهلُ من لفظةٍ
يهلِك فيها العالمُ الماهرُ
ويُعسَرُ المؤمنُ في رزقِه
ويُرزقُ الكافرُ والفاجرُ
ما حيلةُ الإنسانِ ما فعلَه
هو الذي قدَّره القادرُ
فلما فرَغَ من شعرِه قال "فدخلتُ مصرَ ونزَّلتُ القماشَ في خان سرور وفككتُ أحمالي وأدخلتُهاوأعطيتُ الخادمَ دراهمَ ليشتري لنا شيئا نأكلُه ونمتُ قليلا، فلما قمتُ، ذهبتُ بين القصرَين ثم رجَعتُ وبِتُ ليلَتي، فلما أصبحتُ فتحتُ رِّزمةً من القماشِ وقلتُ في نفسي أقومُ لأشقَ في بعضِ الأسواق وأنظرُ الحال. فأخذتُ القماشَ وحمَّلتُه لبعضِ غِلماني وسرتُ حتى وصلتُ قيسرية[14]جرجس فاستقبلني السماسرة، وكانوا علِموا بمجيئي، فأخذوا مني القماشَ ونادَوا عليه، فلم يبلغْ ثمنُه رأسَ مالِه، فقالَ لي شيخُ الدلالين[15] "يا سيدي، أنا أعرفُ لك شيئا نستفيدُ به، وهو أن تعمَل ما يعمَلُ التجار، فتبيعُ متجرَك إلى مدةٍ معلومةٍ بكاتبٍ وشاهدٍ وصَيرفي وتأخذُ ما تحَصُلُ من ذلك في كلِ يومِ خميسٍ واثنين، فتكسِبُ الدراهمَ كلُ درهمٍ اثنين، وزيادةً على ذلك تتفرجُ على مصرَ ونيلِها."
فقلت:
"هذا رأيٌ سديدٌ."
فأخذتُ معي الدلالين وذهبتُ إلى الخان، فأخذوا القماشَ إلى القيسرية فبعتُه إلى التجارِ وكتبتُ عليهم وثيقةً، ودفعتُ الوثيقةَ إلى الصَيرفي وأخذتُ عليه وثيقةً بذلك، ورجَعتُ إلى الخان وأقمتُ أياما، كلَ يومٍ أُفْطِرُ على قدحٍ من الشرابِ وأحضِرُ اللحمَ الضأن[16] والحلويات، حتى دخلَ الشهرُ الذي استحققت[17] فيه الجباية، فبقِيتُ كلَ خميسٍ واثنين أقعدُ على دكاكينِ التجار ويمضي الصَيرفيُ والكاتبُ، فيجيآن بالدراهمِ من التجارِ ويأتياني بها إلى أن دخلتُ الحمامَ يوما من الأيام وخرجتُ إلى الخان، ودخلتُ موضعي وأفطرتُ على قدحٍ من الشراب، ثم نمتُ وانتبهتُ، فأكلتُ دجاجةً وتعطرتُ وذهبتُ إلى دكانِ رجلٍ تاجرٍ يقالُ له بدرُ الدين البستاني، فلما رآني رحبَ بي وتحدثَ معي ساعةً في دكانِه. فبينما نحن كذلك وإذا بامرأةٍ جاءت وقعَدَت بجانبي وعليها عِصابةٌ[18] مائلةٌ وتفوحُ منها روائحُ الطيب، فسلبت عقلي بحسنِها وجمالِها، ورفعت الإزار[19]فنظرَتْ إلىَّ أحداقٌ سود، ثم سلمت على بدرِ الدين فردَّ عليها السلام، ووقفَ وتحدثَ معها، فلما سمِعتُ كلامَها تمكن حبُها من قلبي، فقالت لبدرِ الدين:
"هل عِندَك تفصيلةٌ[20] من القماش المنسوجِ من خالص الذهب؟"
فأخرجَ لها تفصيلةً فقالت للتاجر:
"هل آخذُها وأذهبُ ثم أرسلُ إليك ثمنَها؟"
فقال لها التاجر:
"لا يمكنُ يا سيدتي لأن هذا صاحبَ القماش، وله على قِسطٍ[21]."
فقالت:
"ويلَك. إن عادتي أن آخذَ منك كلَ قطعةِ قُماشٍ[22] بجملةِ دراهم، وأربِحُك فيها فوقَ ما تريدُ، ثم أرسلُ إليك ثمنَها."
فقال:
"نعم، ولكني مضْطَرٌ إلى الثمنِ في هذا اليوم."
فأخذت التفصيلةَ ورمته بها في صدرِه وقالت:
"إن طائفتَكم لا تعرفُ لأحدٍ قدرا"
ثم قامت مولية، وظننتُ أن رُوحي راحت معها، فقمتُ ووقفتُ وقلتُ لها:
"يا سيدتي، تَصَدقي عليَّ بالالتفاتِ واِرجِعي بخُطْواتِك الكريمة."
فرَجَعت وتبسمت وقالت:
"لأجلِك رَجَعتُ."
وقَعَدَت قصدي[23] على الدكان[24]، فقلتُ لبدرِ الدين:
"هذه التفصيلةُ كم ثمنُها عليك؟"
قال:
"ألفٌ ومائةُ درهمٍ."
فقلتُ له:
"ولك مائةُ درهمٍ فائدة، فهاتِ ورقةً فأكتبَ لك فيها ثمنَها."
،فأخذتُ التفصيلةَ وكتبتُ له ورقةً بخطي وأعطيتُها التفصيلةَ وقلت لها:
"خذي أنتِ ورُوحي وإن شئتِ هاتي ثمنَها إليّ في السوق، وإن شئتِ هي ضيافتُك مني."
فقالت "جزاك اللُه خيرا ورزقَك مالي وجعَلَك بعلي."
فتقبلَ اللُه الدعوةَ. وقلتُ لها:
"يا سيدتي اجعلي هذه التفصيلةَ لكِ، ولكِ أيضا مثلُها، ودعيني أنظرُ وجهَك."
فكشفت القناعَ عن وجهِها، فلما نظرتُ وجهها نظرة أعقبتني ألفُ حسرة وتعلقَ قلبي بمحبتِها، فصرتُ لا أملكُ عقلي، ثم أرخت القناعَ وأخذت التفصيلةَ وقالت:
"يا سيدي، لا تُوحِشْني[25]."
وقد ولت وقعَدتُ في السوقِ إلى بعدِ العصر، وأنا غائبُ العقلِ وقد تحكمَ الحبُ عِندِي، فمن شَّدةِ ما حصَلَ لي من الحب سألتُ التاجرَ عنها حين أردتُ القيام، فقالَ لي:
"إن هذه صاحبةُ مالٍ وهي بنتُ أميرٍ، ماتَ والدُها وخلَفَ لها مالا كثيرا."
فودعتُه وانصرفتُ وجئتُ إلى الخان، فقُدِمَ إلى العشاء فتذكرتُها فلم آكلْ شيئا، ونمتُ فلم يأتني نومٌ فسهِرتُ إلى الصباح، ثم قمتُ فلبِستُ بدلةً غيرَ التي كانت عليّ، وشرِبتُ قدحا من الشرابِ وأفطرتُ على شيءٍ قليلٍ وجئتُ إلى دكانِ التاجر، فسلَّمتُ عليه وجلستُ عِندَه، فجاءت الصبيةُ وعليها بدلةٌ أفخرُ من الأولى، ومعها جاريةٌ، فجلست وسلمت عليَّ دون بدرِ الدين، وقالت لي بلسانٍ فصيحٍ ما سمِعتُ أعذبَ ولا أحلى منه:
"أَرسِلْ معي من يقبِضُ الألفَ والمائتي[26] درهمٍ ثمنَ التفصيلة."
فقلتُ لها:
"ولأي شيءٍ العجلةُ؟"
فقالت:
"لا عدمناك."
وناولتني الثمنَ وقَعَدتُ أتحدثُ معها، فأومأتُ[27] إليها بالإشارة ففهِمت أني أريدُ وصالَها، فقامت على عجلٍ منها، واستوحشت مني وقلبي متعلقٌ بها، وخرجتُ أنا خارجَ السوقِ في أثرِها وإذا بجاريةٍ أتتني وقالت:
"يا سيدي كلم سيدتي."
فتعجبتُ وقلتُ:
"ما يعرِفُني هنا أحدٌ"
فقالت الجارية:
"ما أسرعَ ما نسِيتَها! سيدتي التي كانت اليومَ على دكانِ التاجرِ فلان."
فمشَيتُ معها إلى الصيارف، فلما رأتني زوتني لجانِبِها وقالت:
"يا حبيبي، وقعتَ بخاطري وتمكَّنَ حبُك من قلبي، ومن ساعةِ رأيتُك لم يطِبْ لي نومٌ ولا أكلٌ ولا شربٌ."
فقلتُ لها:
"عندي أضعافُ ذلك والحالُ يغني عن الشكوى."
فقالت:
"يا حبيبي أجيء[28] عِندَك أو تجيئُ عندِي؟"
فقلتُ لها:
"أنا رجلٌ غريب، ومالي مكانٌ يأويني إلا الخان، فإن تصدقتِ عليَّ بأن أكونَ عِندَك يكمُلُ الحظ."
قالت:
"نعم. لكِّن الليلةَ ليلةُ الجمعة ما فيها شيء، إلا إن كان في غدٍ بعدَ الصلاة، فصلِ واركبْ حِمارَك واِسألْ عن
الحبانية[29]، فإن وصلتَ فاسألْ عن قاعةِ بركات النقيب المعروفِ بأبي شامة، فإني ساكنةٌ هناك، ولا تبطيء فإني في انتظارِك."
ففرِحتُ فرحا زائدا ثم افترقنا وجئتُ للخانِ الذي أنا فيه وبتُ طولَ الليلِ سهران، فما صدقتُ أن الفجرَ لاح حتى قمتُ، وغيرتُ ملبوسي وتعطرتُ وتطيبتُ وأخذتُ معي خمسين دينارا في منديلٍ ومشَيتُ من خانِ مسرور إلى باب زويلة[30]، فركِبتُ حِمارا، وقلتُ لصاحبِه اِمضِ بي إلى الحبانية، فمضى في أقلِ من لحظةٍ فما أسرعَ ما وقفَ على دربٍ يقالُ له دربُ المنقري فقلتُ له: "ادخلْ الدربَ واسألْ عن قاعةِ النقيب."
فغاب قليلا وقال:
"انزِلْ"
فقلتُ:
"امشِ قدامي إلى القاعة."
فمشَى حتى أوصلني إلى المنزل فقلتُ له:
"في غدٍ تجيئني وتُودِّيني.[31]"
فقالَ الحمَّار:
"باسمِ الله."
فناولتُه ربعَ دينار ذهبا، فأخذَه وانصرف، فطرقتُ البابَ فخرجَ لي بنتان صغيرتان بِكران منَهِّدَتان كأنهما قمران فقالتا:
"ادخُلْ، إن سيدتَنا في اِنتظارِك لم تنمْ الليلةَ لولعِها بك."
فدخلتُ قاعةً مغلقةً[32] بسبعةِ أبواب، وفي دائرِها شبابيكُ مطلةٌ على بستانٍ فيه من الفواكِه جميعُ الألوان، وبه أنهارٌ دافقةٌ وطيورٌ ناطقةٌ وهي مُبَيضَةٌ بياضا سلطانيا يرى الإنسانُ وجهَه فيها وسقفُها مطليٌ بذهب، وفي دائرها طِّرازاتٌ[33] مكتوبةٌ باللازورد[34] قد حوَت أوصافا حسنةً وأضاءت للناظرين، وأرضُها مفروشةٌ بالرخامِ المجزع[35]، وفي وسطِها فَسقيةٌ، وفي أركانِ تلك الفَسقيةِ الدرُ والجوهر مفروشةٌ بالبُسُطِ الحريرِ الملونةِ والمراتب، فلما دخلتُ جلستُ، و.... أدركَ شهرزادَ الصباح فسكتت عن الكلامِ المباح.
فلما كانت الليلةُ السادسة والعشرون
قالت بلغني أيها الملكُ السعيد أن الشابَ التاجرَ قالَ للنصراني، فلما دخلتُ وجلستُ لم أشعرْ إلا والصبيةُ قد أقبلت وعليها تاجٌ مكللٌ بالدرِ والجوهر، وهي منقشةٌ[36] مخططة، فلما رأتني تبسمت في وجهي وحضَنتني ووضعتني على صدرِها، وجعلت فمَها على فمي وجعلت تمصُ لساني وأنا كذلك وقالت:
"أصحيحٌ أتيتَ عِندي؟ أم هذا منام؟"
فقلتُ لها:
"أنا عبدُكِ."
فقالت:
"أهلا ومرحبا. واللهِ من يومِ رأيتُك ما لذَّ لي نومٌ ولا طابَ لي طعام."
فقلت:
"وأنا كذلك."
ثم جلسنا نتحدثُ وأنا مطْرِقٌ[37] برأسي إلى الأرضِ حياءً، ولم أمكثْ إلا قليلا حتى قدَمت لي سفرةً من أفخرِ الألوان من مُحمرٍ ومرققٍ ودجاجٍ محشي، فأكلتُ معها حتى اكتفينا ثم قدموا إليَّ الطَشتَ[38] والإبريقَ فغسلتُ يدي، ثم تطيبنا بماءِ الوردِ المُمَّسك، وجلسنا نتحدث، فأنشدت هذين البيتين:
لو علِمنا قدومَكم لفرشنا
مهجةَ القلبِ مع سوادِ العيون
ووضعنا خدودَنا للقاكم
وجعلنا المسيرَ فوق الجفون
وهي تشكو إليَّ ما لاقت وأنا أشكو إليها ما لاقَيتُ، وتمكنَّ حبُها عِندي، وهانَ على جميعُ المال، ثم أخذنا نلعبُ ونتهارشُ مع العناقِ والتقبيلِ إلى أن أقبلَ الليل، فقدمت لنا الجواري الطعامَ والمُدام، فإذا هي حَضْرةٌ[39] كاملة، فشرِبنا إلى نصفِ الليل ثم اضطجعنا ونمنا، فنمتُ معها إلى الصباح، فما رأيتُ في عمري مثلَ هذه الليلة.
فلما أصبحَ الصباح قمتُ ورمَيتُ لها تحتَ الفراشِ الِمِنديلَ الذي فيه الدنانيرُ وودعتُها وخرجت، فبكت وقالت:
"يا سيدي، متى أرى هذا الوجهَ المليح؟"
فقلت لها:
"أكونُ عِندَك وقتَ العشاء."
فلما خرجتُ أصبتُ الحمَّارَ الذي جاءَ بي الأمسَ على الباب ينتظرُني فركِبتُ معه حتى وصلتُ خان مسرور، فلنزلتُ وأعطيتُ الحمَّارَ نصفَ دينار وقلتُ له:
"تعالَ في وقتِ الغروب."
قال:
"على الرأس."
فدخلتُ الخانَ وأفطرتُ ثم خرجتُ أطالبُ بثمنِ القماش، ثم رجَعَتُ وقد عمِلتُ لها خروفا مشويا وأخذتُ حلاوةً ثم دعوتُ[40] الحمالَ ووصفتُ له المحلَ وأعطيتُه أجرتَه، ورجَعتُ في أشغالي إلى الغروب، فجاءني الحمَّارُ، فأخذتُ خمسينَ دينارا وجعلتُها في مِنديل، ودخلتُ فوجدتُهم مسحوا الرخامَ وجلَوا النُّحاس وعمَّروا القناديلَ وأوقدوا الشموعَ وغَرَفوا الطعامَ وروقوا الشراب، فلما رأتني رمت يديها على رقبتي وقالت:
"أوحشتَني."
ثم قدمت الموائدَ فأكلنا حتى اكتفينا، ورفعت الجواري المائدةَ وقدمت المُدام، فلم نزلْ في شرابٍ ونُقلٍ وحظٍ إلى نصفِ الليل، فنمنا إلى الصباح ثم قمتُ وناولتُها الخمسينَ دينارا على العادة وخرجتُ من عندِها، فوجدتُ الحمَّار، فركِبتُ إلى الخان، فنمتُ ساعةً ثم قمتُ جهزتُ العشاءَ فعمِلتُ جَوزا ولَّوزا وتحتَهم أُرُزٌ مفلفلٌ وعمِلتُ قلقاسا مقليا ونحوَ ذلك، وأخذتُ فاكهةً ونُقْلا ومشموما[41]، وأرسلتُها وسرتُ إلى البيتِ وأخذتُ خمسينَ دينارا في مِنديل، وخرجتُ فركِبتُ مع الحمَّارِ على العادةِ إلى القاعة، فدخلتُ ثم أكلنا وشرِبنا ونمنا إلى الصباح، ولما قمتُ رمَيتُ لها المِنديلَ وركِبتُ إلى الخانِ على العادة، ولم أزلْ على تلك الحالةِ مدة، إلى أن بِتُ وأصبحتُ لا أملِكُ درهما ولا دينارا، فقلتُ في نفسي: هذا من فعلِ الشيطان، وأنشدتُ هذه الأبيات:
فقرُ الفتى يُذهبُ أنوارَه
مثلُ إصفرارِ الشمسِ عِندَ المغيبِ
إن غابَ لا يُذكرُ بين الورى
وإن أتى فماله من نصيبِ
يمرُ في الأسواقِ مستخفيا
وفي الفلا يبكى بدمعٍ صبيبِ[42]
واللهِ ما الإنسانُ في أهلِه
إذا اُبتُليَ بالفقرِ إلا غريبُ
ثم مشَيتُ إلى أن وصلتُ بين القصرين، ولازلتُ أمشي حتى وصلتُ إلى بابِ زويلة، فوجدتُ الخلقُ في ازدحامٍ والبابُ منسدا من كثرةِ الخلق، فرأيتُ بالأمرِ المقدرِ جنديا، فزاحمتُه بغيرِ اختياري، فجاءت يدي على جيبِه، فجسستُه[43] فوجدتُ فيه صُّرًة من داخلِ الجَيْبِ الذي يدي عليه فعمَدتُ إلى تلك الصُّرةِ فأخذتُها من جَيبِه فحسَّ الجنديُ بأن جَيبَه خف، فحطَّ يدَه في جيبِه فلم يجدْ شيئا والتفتَ نحوي ورفعَ يدَه بالدَّبوس[44] وضربَني على رأسي فسقطتُ إلى الأرض، واحتاط الناسُ بنا، وأمسكوا لجِامَ فرسِ الجندي وقالوا:
"أمن أجلِ الزحمةِ
تضرِبُ هذا الشابَ هذه الضربة؟"
فصرخَ عليهم الجندي وقال:
"هذا حرامي سارق!"
فعند ذلك أفقتُ ورأيتُ الناسَ يقولون:
"هذا شابٌ مليحٌ لم يأخذْ شيئا."
فبعضُهم يصدقُ وبعضُهم يُكذِب، وكَثُرَ القيلُ والقال، وجذبَني الناسُ وأرادوا خلاصي منه، فبالأمر ِالمقدرِ جاءَ الوالي هو وبعضُ الحكامِ في هذا الوقت ودخلوا من الباب، فوجدوا الخلقَ مجتمعين عليَّ وعلى الجندِي فقالَ الوالي:
"ما الخبر؟"
فقال الجندِي:
"واللهِ يا أميرُ إن هذا الحرامي. وكان في جيبي كيسٌ أزرقُ فيه عِشْرون دينارا فأخذَه وأنا في الزحام."
فقالَ الوالي للجنْدِي:
"هل كان معك أحد؟"
فقالَ الجندي:
"لا."
فصرخ الوالي على المقدِّم وقال:
"اِمْسِكْه. وفتشْه."
فأمسكَني وقد زالَ السترُ عني. فقالَ له الوالي
"أعرِه من جميعِ ما عليه."
فلما أعراني وجدوا الكيسَ في ثيابي، فلما وجدوا الكيسَ أخذَه الوالي وفتحَه وعدَّه، فرأي فيه عِشرينَ دينارا كما قالَ الجنْدِي، فغضِبَ الوالي وصاحَ على أتباعِه وقال:
"قدَّموه."
فقدَّموني بين يديه فقالَ لي:
"يا صبيُ قلْ الحق، هل أنتَ سرقتَ هذا الكيس؟"
فأطرقتُ برأسي إلى الأرضِ وقلتُ في نفسي، إن قلتُ ما سرقتُه فقد أخرجَه من ثيابي، وإن قلتُ سرقتُه وقعتُ في العناء، ثم رفعتُ رأسي وقلت:
"نعم. أخذتُه"
فلما سمِعَ مني الوالي هذا الكلامَ تعجبَ ودعا الشهود، فحَضَروا وشهِدوا على مَنطِقِ هذا كلِه في باب زولية، فأمرَ الوالي السيافَ بقطعِ يدي فقطعَ يدي اليمين، فرقَ قلب الجنْدِي وشفَعَ في عدم قتلي وتركني الوالي ومضى، وصارت الناسُ حولي وسقَوني قدحَ شراب، وأما الجندِي فإنه أعطاني الكيسَ وقال:
"أنت شابٌ مليحٌ، ولا ينبغي أن تكونَ لصا، فأخذتُه منه وأنشدتُ هذه الأبيات:
واللهِ ما كنتُ لصا يا أخا ثقةٍ
ولم أكنْ سارقا يا أحسنَ الناسِ
لكن رمتني صروفُ[45] الدهرِ عن عجلٍ
فزادَ همي ووِسواسي وإفلاسي
وما رمَيتُ ولكن الإله رمى
سهما فطيَّر تاجَ الملكِ عن رأسي
فتركني الجندِي بعدَ أن أعطاني الكيسَ وانصرفتُ أنا ولففتُ يدي في خِرْقةٍ وأدخلتُها في عُبي، وقد تغيرت حالتي واصفرَ لوني مما جرى لي، فتمشَيتُ إلى القاعةِ وأنا على غيرِ استواءٍ ورمَيتُ رُوحي على الفراش، فنظرتني الصبيةُ متغيرَ اللون، فقالت لي:
"ما وجعُك؟ ومالي أرى حالتَك تغيرت؟"
فقلتُ لها:
"رأسي يَوْجَعُني[46]، وما أنا طيب."
فعِندَ ذلك اغتاظت وتشوشت لأجلي وقالت:
"لا تحرقْ قلبي يا سيدي. اقعدْ وارفعْ رأسَك وحدثني بما حَصَلَ لك اليوم، فقد بان لي في وجهِك كلام."
فقلت:
"دعيني من الكلام."
فبكت وقالت "كأنك قد فرَغَ غرضُك منا، فإني أراكَ على خِلافِ العادة."
فبكت وصارت تحدثُني وأنا لا أجيبُها حتى أقبلَ الليل، فقدمت لي الطعامَ فامتنعتُ وخشِيتُ أن تراني آكلُ بيدي الشِمال، فقلت:
"لا أشتهي أن آكلَ في هذه الساعة."
فقالت "حدثني بما جرى لك في هذا اليوم "ولأي شيء أراك مهموما مكسور الخاطر والقلب؟"
فقلت:
"في هذه الساعةِ أحدِثُكِ على مَهْلي."
فقدمت لي الشرابَ وقالت:
"دونَك، فإنه يزيلُ همَك. فلابدَ أن تشربَ وتحدِثَني بخبرِك."
فقلتُ لها:
"إن كان ولابد فاسقيني بيدِكِ."
فملأَت القدحَ وشرِبَتْه وملأته وناولتني إياه، فتناولته منها بيدي الشِمال وفرت الدمعةُ من جَفني، فأنشدت هذه الأبيات[47]:
إذا أرادَ اللهُ أمرًا لامْرِئٍ.
وكان ذا عقلٍ وسمعٍ وبصرْ
أصمَّ أذنيه وأعمى قلبَه
وسلَّ[48] عنه عقلَه سلَّ الشَّعرْ
حتى إذا أنفذَ[49] فيه حكمَه
ردَّ إليه عقلَه ليعتبرْ
فلما فَرَغتُ من شعري تناولتُ القدحَ بيدي الشِمال وبكيت، فلما رأتني أبكي صرخت صرخةً قويةً وقالت:
"ما سببُ بكائك؟ قد أحرقتَ قلبي وما لك تناولتَ القدحَ بيدِك الشِمال؟"
فقلتُ لها:
"إن بيدي حبة"
فقالت:
"أخرِجها حتى أفقَعَها لك."
فقلت:
"ما هو وقتُ فقعِها. لا تطيلي عليّ، فما أخرجُها في تلك الساعة."
ثم شرِبتُ القدح.
ولم تزل تَسقيني حتى غلَبَ السكرُ عليّ فنمتُ مكاني، فأبصَرَت يدي بلا كف، ففتشتني فرأت معي الكيسَ الذي فيه الذهب، فدخلَ عليها من الحزنِ ما لا يدخل ُعلى أحد ولازالتْ تتألمُ بسببي إلى الصباح، فلما أفقتُ من النومِ وجدتُها هيأت لي مسلوقةً وقدمتها، فإذا هي أربعةُ طيورٍ من الدجاج، وأسقتني قدحَ شراب، فأكلتُ وشرِبتُ وحططتُ[50] الكيس، وأردتُ الخروجَ فقالت:
"أين تروح؟"
فقلت:
"إلى مكانِ كذا لأُخرِجَ بعضَ الهمِ عن قلبي."
فقالت:
"لا ترحْ، بل اِجلِس."
فجلستُ، فقالت لي:
"وهل بلغت محبتُك إياي إلى أن صرَفتَ جميعَ مالَك عليّ وعدِمتَ كفَك، فأُشهِدُك عليّ، والشاهدُ الله، أني لا أفارقُك، وسترى صحةَ قولي، ولعلَّ اللهَ استجابَ دعوَتي بزواجِك."
وأرسَلَت خَلفَ الشهود، فحضَرَوا فقالت لهم:
"اُكْتُبوا كتابيَ على هذا الشاب، واِشْهدُوا أني قبَضتُ المهرَ." فكتبوا كتابي عليها ثم قالت: "اِشهدوا أن جميعَ مالي الذي في هذا الصندوقِ وجميعَ ما عِندي من المماليك والجواري لهذا الشاب."
فشهِدوا عليها، وقبِلتُ أنا التمليك، وانصرفوا بعدما أخذوا الأجرة، ثم أخذَتني من يدي وأوقفتني على خِزانةٍ وفتحَت صندوقا كبيرا، وقالت لي:
"انظرْ هذا الذي في الصندوق."
فنظرتُ فإذا هو ملآنُ مناديلَ، فقالت:
"هذا مالُك الذي أخذتُه منك، فكلما أعطيتَني مِنديلا فيه خمسون دينارا ألُفُه وأرميه في الصندوق، فخذْ مالَك فقد ردَه اللهُ عليك، وأنتَ اليومَ عزيز، فقد جرى عليك القضاءُ بسببي، حتى عدِمتَ يمينَك، وأنا لا أقدِرُ على مكافأتِك، ولو بذلتُ رُوحي لكان ذلك قليلا ولك الفضل."
ثم قالت لي:
"تسلمْ مالَك."
،فتسلمتُه ثم نقلت ما في صُندوقِها إلى صُندوقي وضمت مالَها إلى مالي الذي كنتُ أعطيتُها إياه، وفرِحَ قلبي وزالَ همي، فقمتُ فقبلتُها وسكرتُ معها فقالت:[51]
"لقد بذلتَ جميعَ مالك ويدَك في محبتي فكيف أقدِرُ على مكافأتِك، واللهِ لو بذلتُ روحي في محبتِك لكان ذلك قليلا وما أقومُ بواجبِ حقِك عليّ."
ثم إنها كتبت لي جميعَ ما تملكُ من ثيابِ بدنِها وصِّيغتِها[52] وأملاكِها بحُجَّة[53]، وما نامت تلك الليلةَ إلا مهمومةً من أجلي، حين حَكَيتُ لها ما وقعَ لي، وبِتُ معها ثم أقمنا على ذلك أقلَ من شهر، وقوي بها الضَّعفُ وزادَ بها المرض، ولا مكَثت غيرَ خمسين يوما، ثم صارت من أهلِ الآخرة، فجهزتُها وواريتُها في التراب، وعمِلتُ لها ختماتٍ وتصدقتُ عليها بجملةٍ من المال، ثم نزَلتُ من التربةِ فرأيتُ لها مالا جزيلا وأملاكا وعقاراتٍ، ومن جملةِ ذلك تلك المخازنُ السِّمسمِ التي بِعتُ لك منها ذلك المخزن، وما كان اشتغالي عنك هذه المدةَ إلا لأني بعتُ بقيةَ الحواصل، وإلى الآن لم أفرَغْ من قبضِ الثمن، فأرجو منك أنك لا تخالفْني فيما أقولُه لك، لأني أكلتُ زادَك فقد وهبتُك ثمنَ السِّمسمِ الذي عِندَك، فهذا سببُ أكلي بيدِي الشِّمال، فقلتُ له:
"لقد أحسنتَ لي وتفضلتَ عليّ، فقالَ لي لابدَ أن تسافرَ معي إلى بلادي، فإني اشتريتُ متجرا مِصريا وإسكندرانيا، فهل لك مصاحبَتي؟"
فقلت:
"نعم."
وواعدتُه على رأسِ الشهر، ثم بعتُ جميعَ ما أملِكُ واشترَيتُ به متجرا وسافرتُ أنا وذلك الشابُ إلى هذه البلادِ التي هي بلادُكم، فباعَ الشابُ متجرَه واشترى متجرا عِوَضه من بلادِكم، ومضى إلى الديارِ المصرية، فكان نصيبي في قعودي هذه الليلةَ حتى حصَلَ ما حصلَ في غربتي، فهذا يا ملكَ الزمان ما هو أعجبُ من حديثِ الأحدب، فقالَ الملك:
"لابد من شنقِكم كلَّكم."
و...
أدركَ شهرزادَ الصباح فسكتت عن الكلامِ المباح.
[1] القِبْط وهم أَهل مصر، وفقا للسان العرب. وهي كلمة مأخوذة بتجريف عن الكلمة اليونانية بمعنى مصر Egyptos وتنطق إيغيبتوس أو إيجيب بدون الزائدة اللغوية، ويسرت على اللسان إلى جيبت، أو حولت الجيم قاف.
[2] الإِرْدَبُّ: مِكْيالٌ ضَخْمٌ لأَهلِ مِصْر؛ قيل: يَضُمُّ أَربعةً وعشرين صاعاً. الصاعُ أربعةُ أمْدادٍ، كلُّ مُدٍّ رِطْلٌ وثُلُثٌ، وهو مقياس المسلمين الأوائل.
[3] تراسين: من غير الواضح لي معنى هذه الكلمة. وربما المقصود دراسين، من دِراسة الحنطة أو الدِّرَاسأو الدَّرْس وهي عملية فصل الجزء الصالح للأكل من حبوب النبات الحبية (أو غيرها من المحاصيل) عن القش الحرشفي غير الصالح للأكل الذي يحيط به. والطريقة التقليدية للدراسة تتم بالضرب على الحبوب باستخدام المِدرَس اليدوي على أرضية الدراس. وتتمثل طريقة أخرى تقليدية في الدراسة في جعل الحمير أو الثيران تمشي في دوائر على الحبوب على سطح صلب.
[4] عَمَدَ يعمِدُ عَمداً أي قَصَد.
[5] أحد أبواب سور القاهرة الفاطمية.
[6] العَيِّنَةُ: جزء من المادة يؤخذ منها نموذجًا لسائرها. مما أقره مجمع اللغة العربية بالقاهرة
[7] كتبت في الأصل "أردب" بفتح الهمزة، ووفقا للسان العرب "إردب" بكسر الهمزة.
[8] كيلنا: أعتقد أن الصحيح بغير ياء: كِلنا
[9] حواصل، جمع حاصل، حاصل المال، الباقي من المال.
[10] أزهر: واضح البياض.
[11] الحرى، كتبت بألف في الأصل، وتعني الحارة.
[12] الزند: طَرَف الذراع في الكف.
[13] الأكمه: من ولد كفيفا.
[14] القيساريّة: جمعها قياسر وقيساريّات، والكلمة يونانيّة الأصل، تطلق على السوق المغلق بأروقة تحيط بصحن مكشوف حوله عدد كبير من الدكاكين والمشاغل، وربما ضمّ أماكن إقامة للمسافرين والسكن. من تسمياتها المرادفة: الخان، الفندق، الوكالة.
معجم دمشق التاريخي-قتيبة الشهابي-صدر: 1420هـ/1999م
[15] دلَّال: من ينادي على السلعة لتباع، المعجم الوسيط، ولم أجد الكلمة بهذا المعنى في المعاجم القديمة المتاحة لي.
[16] كتبت في الأصل "الضاني" والضأن هو لحم الغنم.
[17] كتبت في الأصل "استحقيت"
[18] عصابة: ما يربط به الرأس.
[19] كتبت في الأصل "أزار" والإزار: ما تلفح به.
[20] التَّفْصيلة: التَّفْصيلة: هي الثوب الجديد المفصَّل لمن يلبسه غالى الثمن.
المعجم العربي لأسماء الملابس-رجب عبدالجواد إبراهيم-صدر: 1423هـ/2002م
[21] القِسط: النصيب
[22] قُماش: كلُّ ما ينسج من الحرير والقطن ونحوهما.
وهو موَلَّد بحسب المعجم الوسيط، ولا يوجد بهذا المعنى في المعاجم القديمة المتاحة لي، وربما جاءت الكلمة من قمش أي جمع من هنا ومن هناك.
[23] في الأصل "قصادي" وهي كلمة تستخدم في مصر بمعنى قبالة، وقصد تعني باتجاه.
[24] دكان: تعني محل وتعني دكة التي يجلس عليها، وهنا بالمعنى الثاني.
[25] أوْحَشَه: ضد آنَسَه: أي جعله يشعر بالوحدة والخوف.
[26] كتبت في الأصل "مأتي"
[27] كتبت في الأصل "أوميت"
[28] كتبت أجئ
[29] الحبانية: كانت بستانا في عهد صلاح الدين، ثم تحولت إلى منطقة سكنية في عهد المماليك. ومازالت تلك المنطقة موجودة في القاهرة بالاسم نفسه.
[30] باب زويلة أو بوابة المتولي هو أحد أبواب «القاهرة القديمة» في العاصمة المصرية القاهرة. م إنشاء الباب في العام 485 هجرية (1092 ميلادي). تعود التسمية «زويله» لكونه الباب الذي يؤدي بالقوافل المتجهة غربا نحو مدينة زويلة في عمق الصحراء الليبية. ويطلق العامة على باب زويلة بوابة المتولي.. حيث كان يجلس في مدخله (متولي) تحصيل ضريبة الدخول إلى القاهرة.
[31] ودَّى: تعني أوصل في المصرية وهي ليست عربية بهذا المعنى، وقد كتبت في الأصل بشدة على الدال بغير حركة، وقرأتها تُودِّيني، على غرار ودى الأمر: أي قربه، وهو أقرب معنى عربي للكلمة.
[32] كتبت في الأصل "معلقة".
[33] الطِّراز: بكسر الطاء كلمة فارسية معربة، وأصلها في الفارسية: تراز، ومعناها في الفارسية: النقش؛ وقد نقلت إلى العربية قديمًا، منذ العصر الجاهلى.
[34] كتبت في الأصل "لاذورد" وهو حجر أزرق نصف كريم يستخدم للزرينة.
[35] الرخام المخزَّع: نوع من أنواع الرخام، ويسمى أيضا المرمر، وكان يستخدم على نطاق واسع في العالم القديم.
[36] النقش: تلوين الشيء.
[37] الإطراق: أَن يُقْبل ببصره إِلى صدره ويسكت ساكناً؛ وفيه: فأَطْرَقَ ساعة أَي سكت، وفي حديث آخر: فأَطْرَقَ رأْسَه أَي أَماله وأَسكنه.
[38] طَّشت: فارسية معربة، وتكتب وقد ذكرت بالسين في المعاجم القديمة "طست" بينما ذكر الوسيط النطقين "طشت" و"طست".
[39] استخدمت هذه الكلمة في غير موضع في الكتاب بمعنى مائدة كاملة، لكني لم أجدها في المعاجم العربية بهذا المعنى.
[40] في الأصل "دعيت"
[41] المشموم: المِسْك
[42] صبيب: مصبوب بكثرة
[43] في الأًصل "فجسيته"
[44] عَمُود على شكل هراوة مدملكة الرَّأْس (مَعَ) وأداة من مَعْدن على هَيْئَة المسمار الصَّغِير. وقد ذكر الوسيط أنها محدثة لكني وجدت الكلمة بمعنى مشابه لهراوة في لسان العرب تحت باب "سدح".
[45] صُرُوف: مفردها صَرف، وهو فعل الدهر، وسمي كذلك لأنه يصرف الأشياء عن وجهه، ويصرف من انصرف أي ذهب.
[46] في الأصل "رأسي توجعني" لكن رأس مذكر، ومن ثم قررت تغيير جنس الفعل.
[47] ذكرت تلك الأبيات على نحو مختلف قليلا في كتاب أحكام القرآن الجزء الثالث، للشيخ أبو بكر بن العربي (ولد سنة 468هـ/ 1076 ق ع ر) ، نقلا عن أبو الفضل الجوهري البغدادي، الذي توفي سنة ٢٦٢ هـ. وذكرت الأبيات على النحو التالي:
إذا أراد الله أمرا بامرئ * وكان ذا عقل وسمع وبصر
حيلة يعملها في دفع ما * يأتي به مكروه أسباب القدر
غطى عليه سمعه وعقله * وسله من ذهنه سل الشعر
حتى إذا أنفذ فيه حكمه * رد عليه عقله ليعتبر
[48] سل: السَّلُّ: انتزاعُ الشيء وإِخراجُه في رِفْق.
[49] أنفذ الأمر: قضاه
[50] في الأصل "حطيت".
[51] في الأصل "فقلت" ولا تبدو مناسبة للسياق.
[52] الصيغة: المصوغ والْحلِيّ.
[53] الحجة: البرهان.