ورق أصفر
ورق أصفر
ألف ليلة وليلة ٢٠: قصة حب الرمان
تواصل شهرازاد حكاية جديدة من حكاياتها وليلة جديدة من ليالي ألف ليلة وليلة. في هذه الحلقة نستمع إلى ختام حكاية الوزير شمس الدين وأخيه نور الدين وكيف لعبت الأقدار بالابن حسن والابنة ست الحسن، ثم ابنهما عجيب وكيف التقى بوالده في نهاية المطاف.
يسعدني تلقي آرائكم ومقترحاتكم على الإسلام ميل الخاص بي nohaelebiari@gmail.com
أو على صفحتي على الفيس بوك
https://www.facebook.com/noha.ebiari?mibextid=LQQJ4d
وصفحة ورق أصفر
https://www.facebook.com/profile.php?id=100076034028544&mibextid=LQQJ4d
والبودكاست حاليا متاح على اليوتيوب
فلما كانت الليلةُ الرابعةُ والعشرون
قالت "بلغني أيها الملكُ السعيد أن جَدة عجيب لما سمِعت كلامَه اغتاظت ونظرَت إلى الخادم وقالت له، ويلَك هل أنت أفسدتَ ولَدي لأنك دخلتَ به إلى دكاكينِ الطباخين؟" فخافَ الطواشي وأنكرَ وقال "ما دخلنا الدكانَ، ولكن جُزْنا[1] جَوازا" فقالَ عجيب "واللِه، ألا دخلنا وأكلنا وهو أحسنُ من طعامِك" فقامت جَدَتُه وأخبرت أخا زوجِها وأغرتُه على الخادم، فحضرَ الخادمُ قدامَ الوزيرِ فقالَ له "لم دخلت بولدي دكانَ الطباخ؟" فخافَ الخادمُ وقال "ما دخلنا" فقالَ عجيب "بل دخلنا وأكلنا من حبِ الرمان حتى شبِعنا وأسقانا الطباخُ شرابا بثلج وسكر" فازدادَ غضبُ الوزير على الخادم وسألَه فأنكرَ فقالَ له الوزير "إن كان كلامُك صحيحا فاقعدْ وكلْ قدامَنا" فعندَ ذلك تقدمَ الخادمُ وأرادَ أن يأكلَ فلم يقدِر ورمى اللقمةَ وقالَ "يا سيدي، إني شبعان من البارحة" فعرَفَ الوزيرُ أنه أكلَ عندَ الطباخ، فأمرَ الجواري أن يطرحنَّه فطرحنه، ونزَلَ عليه بالضربِ الوجيع، فاستغاثَ وقال "يا سيدي، إني شبعانُ من البارحة" ثم مَنَعَ عنه الضربَ وقالَ له "انطق بالحق" فقال "اعلمْ أننا دخلنا دكانَ الطباخ، وهو يطبُخُ حبَ الرمان، فغرَفَ لنا منه، واللهِ ما أكلتُ عمري مثلَه، ولا أقبحُ من هذا الذي قدامَنا" فغضِبت أم حسن بدر الدين وقالت "لابد أن تذهبَ إلى هذا الطباخ وتجيءَ لنا بزُبديةِ حب رمان من الذي عندَه، وتُريه لسيدِك حتى يقولَ أيهما أحسنُ وأطيب، فقالَ الخادم "نعم" ففي الحال أعطته زُبديةً ونصفَ دينارٍ فمضى الخادم حتى وصلَ إلى الدكان وقال للطباخ نحن تراهنا على طعامِك في بيتِ سيدنا لأن هناك حبَ رمان طبخَه أهلُ البيت، فهاتِ لنا بهذا النصفِ دينار، وأدِرْ بالَك في طهيِه، وأتقنه، فقد أكلنا الضربَ الموجعَ على طبيخِك". فضحِك حسن بدرُ الدين وقال "واللهِ، إن هذا الطعامَ لا يحسنُه أحدٌ إلا أنا ووالدتي، وهي الآن في بلادٍ بعيدة" ثم إنه غَرَفَ الزُبديةَ وأخذَها وختمها بالمِسكِ وماءِ الورد، فأخذَها الخادمُ وأسرعَ بها حتى وصلَ إليهم، فأخذتها والدةُ حسن وذاقتها، ونظرت حسنَ طعمِها وجودتَه، فعَرَفَت طباخَها، فصرخت ثم وقعت مغشيا عليها، فبُهتَ الوزيرُ من ذلك، ثم رشوا عليها ماءَ الورد، وبعدَ ساعةٍ ،أفاقت وقالت "إن كان ولدي في الدنيا فما طبخَ حبَ الرمانِ هذا إلا هو، وهو ولدي حسن بدرُ الدين لاشكَ فيه ولا محالة، لأن هذا طعامُه، وما أحدٌ يطبُخُه غيرُه إلا أنا لأني علمتُه طبيخَه، فلما سمِعَ الوزيرُ كلامَها فرِح فرحا شديدا وقال "واشوقاه، إلى رؤيةِ ابنِ أخي، أتُرى تجمعُ الأيامُ شملَنا به، وما نطلبُ الاجتماعَ به إلا منْ اللِهِ تعالى" ثم إن الوزيرَ قامَ من وقتِه وساعتِه وصاحَ على الرجالِ الذين معه وقال "يمضي منكم عشرون رجلا إلى دكانِ الطباخِ ويهدمونها ويكتفونه بعمامتِه ويجرونه غَصْبا إلى مكاني من غيرِ إيذاءٍ يحصُل له" فقالوا "نعم" ثم إن الوزير َ ركِبَ من وقتِه وساعتِه إلى دارِ السعادة واجتمعَ بنائبِ دِمَشْق وأطلعَه على الكتبِ التي معه من السلطان، فوضعَها على رأسِه بعدَ تقبيلِها وقال "من هو غريمُك؟" قالَ "رجلٌ طباخ" ففي الحال، أمرَ حجابَه أن يذهبوا إلى دكانِه، فذهبوا فرأَوها مهدومةً، وكلُ شيءٍ فيها مكسور لأنه لما توجه إلى دارِ السعادة
فعلت جماعته ما أمرهم به، وصاروا منتظرين مجيءَ الوزير من دار ِالسعادة، وحسن بدر الدين يقولُ في نفسِه "يا تُرى أيُ شيء رأَوا في حَبِ الرمان؟ حتى صارَ لي هذا الأمر" فلما حضر الوزيرُ من عندِ نائبِ دمشق وقد أذِنَ له في أخذِ غريمِه وسفرِه به، فلما دخلَ الخيامَ طلبَ الطباخَ فأحضروه مكتفا بعمامتِه، فلما نظرَ حسن بدر الدين إلى عمِه بكى بكاءً شديدا وقال "يا مولاي، ما ذنبي عندَكم" فقالَ له "أنتَ الذي طبختَ حبَ الرمان" قال "نعم، فهل وجدتم فيه شيئا يوجبُ ضربَ الرقبة، فقالَ له الوزير، هذا أقل جزائِك" فقالَ له "يا سيدي، أما توقفُني على ذنبي" فقالَ له الوزير "نعم، في هذه الساعة" ثم إن الوزير صرخ على الغلمانِ وقال هاتوا الجمال، وأخذوا حسنَ بدرِ الدين معهم، وأدخلوه في صندوقٍ وقفلوا عليه وساروا، ولم يزالوا سائرين إلى أن أقبل الليل، فحطوا وأكلوا شيئا من الطعام، وأخرجوا حسنَ الدين فأطعموه، وأعادوه إلى الصندوق، ولم يزالوا كذلك حتى وصلوا إلى مكان، فأخرجوا حسنَ بدر ِالدين من الصندوقِ وقالَ له "هل أنتَ الذي طبختَ حبَ الرمان؟" فقال َ"نعم يا سيدي" فقالَ الوزيرُ قيدوه، فقيدوه وأعادوه إلى الصندوق، وساروا إلى أن وصلوا إلى مصر، وقد نَزَلوا في الزيدانية، فأمرَ بإخراج حسن بدر الدين من الصندوق، وأمر بإحضارِ نجارٍ وقال "اصنعْ لهذا لعبةً خشب" فقال حسن بدر الدين "وما تصنعُ بها؟" فقال أصلُبُك وأسمِّرُك فيها، ثم أدورُ بك المدينةَ كلَها، فقالَ "على أي شيءٍ تفعلُ بي ذلك؟" فقال الوزير "على عدمِ إتقانِ طبيخِك حبَ الرمان، وهو طبختَه وهو ناقصٌ فُلفلا" فقال له "وهل لكونِه ناقصا فُلفلا تصنعُ معي هذا كلَه؟ أما كفاك حبسي، وكلُ يومٍ تطعموني أكلةً واحدة" فقالَ له الوزير "من أجلِ كونِه ناقصَ فُلفلٍ ما جزاؤك إلا القتل" فتعجبَ حسن بدر الدين وحزِنَ على روحِه، وصارَ يتفكرُ في نفسِه، فقالَ له الوزيرُ "في أي شيءٍ تتفكر؟" فقالَ له "في العقولِ السخيفةِ التي مثلُ عقلِك، فإنه لو كان عندَك عقلٌ ما كنتَ فعلتَ معي هذه الفعالَ لأجلِ نقصِ
الفُلفلِِ" فقالَ له الوزير "يجبُ علينا أن نؤذيك حتى لا تعودَ لمثلِه" فقالَ حسنُ بدرُ الدين "إن الذي فعلتَه معي أقلُ شيءٍ فيه أذيتي" فقال له "لابد من صلبِك" وكلُ هذا والنجار ُيصلحُ الخشبَ وهو ينظرُ إليه، ولازالوا كذلك إلى أن أقبلَ الليل، فأخذَه عمُه ووضعَه في الصندوق وقال "في غدٍ يكونُ صلُبك" ثم صبَرَ عليه حتى عرَفَ أنه نام، فقامَ وركِبَ وأخذَ الصُندوقَ قدامَه ودخلَ المدينةَ وسارَ إلى أن دخلَ بيتَه، ثم قالَ لابنتِه ستِ الحسن "الحمدُ للهِ الذي جمعَ شملَك بابنِ عمِك، قومي وافرشي البيتَ مثلَ فرشِة ليلةَ الجلاء، فأمرت الجواري بذلك، فقمن وأوقدن الشمعَ وقد أخرجَ الوزيرُ الورقةَ التي كتبَ فيها أمتعةَ البيت، ثم قرأَها وأمرَ أن يضعوا كلَ شيءٍ في مكانِه حتى إن الرائي إذا رأى ذلك لا يشكُ في أنها ليلةُ الجلاءِ بعينِها، ثم إن الوزيرَ أمرَ أن تُحُطَ عِمامةُ بدرِ الدين في مكانِها الذي حطَّها فيه بيدِه وكذلك السِروالُ[2] والكِيسُ الذي تحتَ الطراحةِ، ثم إن الوزيرَ أمرَ ابنتَه أن تتحفَ نفسَها كما كانت ليلةَ الجلاء وتدخلَ المخدعَ، وقالَ لها إذا دخلَ عليك ابنُ عمِك فقولي له قد أبطأتَ عليّ في دخولِك بيتَ الخلاء، ودعيه يبيتُ عندَك، وتحدثي معه إلى النهار، وكتبَ هذا التاريخَ، ثم إن الوزيرَ أخرجَ بدرَ الدين من الصندوقِ بعد أن فكَ القيدَ من رجليه، وقلعَ ما عليه من الثيابِ وصارَ بقميصِ النومِ، وهو رفيعٌ، من غيرِ سروال، كلُ هذا وهو نائمٌ لا يعلمُ بذلك، ثم انتبه بدرُ الدينِ من النوم، فوجدَ نفسَه في
دهليزٍ، فقالَ في نفسِه "أنا في أضغاثِ[3] الأحلامِ أو في اليقظة؟" ثم قامَ بدرُ الدين فمَشَى قليلا إلى بابٍ ثانٍ ونظر، وإذا هو في البيتِ الذي انجلت[4] فيه العروسة، ورأى المخدعَ والسريرَ ورأى عِمامتَه وحوايجَه، فلما نظرَ ذلك بهت، وصارَ يقدمُ رجلا ويؤخرُ رجلا، وقالَ في نفسِه "هل هذا في المنامِ أو في اليقظة؟" وصارَ يمسحُ جبينَه ويقولُ وهو متعجبٌ "واللهِ إن هذا مكانُ العروسةِ التي انجلت فيه عليّ، فإني أنا قد كنتُ في صندوق" فبينما هو يخاطبُ نفسَه، وإذا بستِ الحسن رفعت طرَفَ الناموسيةِ وقالت له "يا سيدي، أما تدخل؟ فإنك أبطأتَ عني في بيتِ الخلاء" فلما سمِعَ كلامَها ونظرَ إلى وجهِها ضحِكَ وقال "إن هذا أضغاثُ أحلام"ثم دخلَ وتنهدَ وتفكرَ فيما جرى له، وتحيرَ في أمرِه، وأشكلت عليه قضيتُه، ولما رأى عِمامتَه وسروالَه والكيسَ الذي فيه الألفُ دينار فقال "اللهُ أعلمُ أني في أضغاثِ أحلام" وصارَ من فَرطِ التعجبِ متحيرا،
فعندَ ذلك قالت له ستُ الحسن "مالي أراكَ متعجبا متحيرا، ما كنتَ هكذا في أولِ الليل؟" فضحِكَ وقال "كم عامٍ لي غائبٌ عنكِ!" فقالت له "سلامتَك، اسمُ اللهِ حواليك! أنت إنما خرجتَ إلى الكَنيفِ[5] لتقضي حاجةً وترجِع، فأيُ شيءٍ جرى في عقلِك؟" فلما سمِعَ بدرُ الدين ذلك ضحِكَ وقالَ لها "صدقتِ. ولكنني لما خرجتُ من عندِك غلبني النومُ في بيتِ الراحةِ فحَلَمتُ أني كنتُ طباخا في دمشق، وأقمتُ بها عشرَ سنين، وكأنه جاني صغيرٌ من أولادِ الأكابرِ ومعه خادم، وحَصَلَ من أمرِه كذا وكذا، ثم إن حسنَ بدرَ الدينِ مسحَ بيدِه على جبينِه فرأى أثرَ الضربِ عليه، فقال "واللهِ يا سيدتي، كأنه حق، لأنه ضربَني على جبيني فشجه، فكأني في اليقظة"" ثم قال"لعل هذا المنامَ حَصَلَ حين تعانقتُ أنا وأنت، فنمنا فرأيتُ في المنامِ كأني سافرتُ إلى دمشق بلا طربوش ولا عِمامةَ ولا سروال، وعملتُ طباخا" ثم بهت ساعة وقال "واللهِ كأني رأيتُ أني طبختُ حبَ رمان وفلفلُه قليل، واللهِ ما كأني إلا نمتُ في بيتِ الراحة، فرأيتُ هذا كلَه في المنام" فقالت له ستُ الحسن "باللهِ عليك، أي شيءٍ رأيتَه زيادةً على ذلك؟" فحكى لها جميعَ ما رآه، ثم قال "واللهِ لولا أني انتبهتُ لكانوا صلبوني على لعبةٍ خشب، فقالت له "على أي شيء؟" فقال "على قلةِ الفلفلِ في حبِ الرمان، ورأيتُ كأنهم أخربوا دكاني وكسروا مواعيني، وجاؤا بالنجارِ ليصنعَ لي لعبةً من خشب، لأنهم أرادُوا صلبي عليها، فالحمدُ للهِ الذي جعلَ لي ذلك كلَه في المنام، ولم يجعلْه في اليقظة" فضحِكت ستُ الحسن وضمتُه إلى صدرِها وضمها إلى صدرِه، ثم تذكرَ وقال "واللهِ ما كأنه إلا في اليقظة، فأنا ما عرَفتُ أيَ شيءٍ الخبر ولا حقيقةِ الحال" ثم إنه نامَ وهو متحيرٌ في أمرِه فتارةً يقولُ رأيتُه في المنامِ وتارةً يقولُ رأيتُه في اليقظة ولم يزل كذلك إلى الصباح، ثم دخلَ عليه عمُه الوزيرُ شمسُ الدين، فسلمَ عليه فنظرَ له حسنُ بدرُ الدين وقال "باللهِ عليك، أما أنت الذي أمرتَ بتكتيفي وتسميرِ دكاني من شأنِ حب ِالرمان لكونِه قليلَ الفلفل؟" فعندَ ذلك قالَ له الوزير "اعلمْ يا ولدي أنه ظهرَ الحقُ وبانَ ما كان مختفيا، أنتَ ابنُ أخي، وما فعلتُ ذلك حتى تحققتُ أنك الذي دخلتَ على بنتي تلك الليلة، وما تحققتُ ذلك حتى رأيتَك عرَفتَ البيت، وعرَفتَ عِمامتَك وسروالَك وذهبَك والورقتين؛ التي كتبتَها بخطِك، والتي كتبها والدُك أخي، فإني ما رأيتُك قبلَ ذلك، وما كنتُ أعرِفُك، وأما أمُك فإني جئتُ بها معي من البصرة" ثم رمى نفسَه عليه وبكى، فلما سمِعَ حسنُ بدرُ الدين كلامَ عمِه تعجبَ غايةَ العجب وعانقَ عمَه وبكى من شدةِ الفرح، ثم قالَ له الوزيرُ "يا ولدي، إن سببَ ذلك كلِه ما جرى بيني وبين والدِك، وحكى له جميعَ ما جرى بينَه وبينَ أخيه، وأخبرَه بسببِ سفرِ والدِه إلى البصرة، ثم إن الوزيرَ أرسلَ إلى عجيب، فلما رآه قال "هذا هو الذي ضربَني بالحجر" فقالَ الوزير "هذا ولدُك" فعندَ ذلك رمى نفسَه عليه وأنشدَ هذه الأبيات:
لقد بكيتُ على تفرقِ شملِنا
زمنا وفاضَ الدمعُ من أجفاني
ونذرتُ إن جمعَ المهيمنُ شملَنا
ما عدتُ أذكر ُفُرقةً بلساني
هجمَ السرورُ علي حتى أنه
من فرطِ ما قد سرني أبكاني
فلما فرَغَ من شعرِه التفتت إليه والدُته وألقت روحَها عليه وأنشدت هذين البيتين:
الدهرُ أقسمَ ما يزال مكدري
حنِثتَ يمينَك يا زمانُ فكَفِّرى
السعدُ وافى والحبيبُ مساعدي
فانهض إلى داعي السرور وشمري
ثم إن والدتَه حكت له جميعَ ما وقعَ لها بعدَه، وحكى لها جميعَ ما قاساه، فشكروا اللهَ على جمعِ شملِهم ببعضِهم، ثم إن الوزيرَ طلِعَ إلى السلطانِ وأخبرَه بما جرى له فتعجب، وأمرَ أن يؤرخَ ذلك في السجلاتِ ليكونَ حكايةً على ممرِ الأوقات، ثم إن الوزيرَ أقامَ مع ابنِ أخيه وبنتِه وابنِها وزوجةِ أخيه في ألذِ عيش إلى أن أتاهم هاذم اللذاتِ ومفرقُ الجماعات...
... وهذا يا أميرَ المؤمنين ما جرى للوزيرِ شمسِ الدين وأخيه نورِ الدين فقالَ الخليفةُ هارونُ الرشيد "واللهِ، إن هذا الشيءَ عجاب" ووهبَ للشابِ سُرِّيَّةً من عندِه ورتبَ له ما يعيشُ به، وصارَ ممن ينادمُه، ثم إن البنتَ[6] قالت وما هذا باعجبِ من حكايةِ الخياطِ والأحدبِ واليهوديِ والمباشرِ والنصرانيِ فيما وقعَ لهم، قال الملكُ وما حكايتهم؟
[1] جاز الموضع أي صار فيه وسلكه.
[2] السِّرْوَال: كلمة فارسية مُعرَّبة؛ وأصلها في الفارسية: شَلْوار؛ ومعناه: لباس يستر العورة إلى أسفل الجسم. وأعتقد أنها توازي البنطال في ملابسنا الحديثة. ويمكن أيضا أن تعني بنطالا داخليا يرتدى تحت الملابس.
[3] الضَّغْثُ الْتِباسُ الشيء بعضه ببعض.
[4] انجلت: ظهرت. والمقصود هنا هو طقس "جلوة العروس" وهو طقس يعرف في بعض الدول العربية، ربما هو ليلة الحنا وربما هو ليلة منفصلة عن ليلة الحنا وسابقة على ليلة الزفاف. وفيه تظهر العروس في ملابس مزركشة وربما يراها الزوج المنتظر في هذه الليلة أيضا. لكن وفقا لقصتنا ليلة الجلوة كانت هي ليلة الزفاف.
[5] الكنيف: الساتر. وهنا المقصود الحمام
[6] من غير الواضح من هي الراوية المقصودة. ربما شهرازاد