ورق أصفر

ألف ليلة وليلة ٩: قصة الصعلوك الثالث

October 07, 2022 Noha Elebiari Season 2 Episode 9
ورق أصفر
ألف ليلة وليلة ٩: قصة الصعلوك الثالث
Show Notes Transcript

في الليلة الرابعة عشرة من ليالي ألف ليلة وليلة تكمل شهرزاد قصة الصعلوك الثاني وتبدأ قصة الصعلوك الثالث، ومازالت البنات والحمال وهارون الرشيد وصحبته يستمعون إلى حكايات الصعاليك الثلاثة ويتعجبون من غرابتها. 

في الليلة السابقة حكى الصعلوك الثاني كيف كان شاهدا على مشهد شديد الدرامية والدموية لما حدث للفتاة تحت الأرض، لكن الدراما في قصته لم تنتهي فقصته تنتهي بذروة عبقرية محملة بالرموز والتحولات؛ نسر، عقاب، كلب، قط، رمانة، وديك، وصراع تقوده شخصية أنثوية على غرار النموذج الحديث للفام فيتال أو الأنثى القاتلة! 


يسعدني التعرف عليكم وعلى آرائكم ومقترحاتكم على صفحة ورق أصفر على الفيس بوك. 

أيضا أدعوكم لزيارة صفحة ورق أصفر الالكترونية لقراءة النص بهوامش شارحة وتعليقات على الثقافة والتاريخ. 


https://waraqasfar.buzzsprout.com

فلما كانت الليلةُ الرابعةَ عشرةَ

قالت "بلغني أيها الملكُ السعيد أن الصعلوكَ قالَ للصبيةِ "يا سيدتي، ثم إن بنتَ الملكِ أخذت بيدِها سكينا مكتوبا عليها اسماءٌ عبرانيةٌ وخطت بها دائرةً في وسطِ القصر، وكتبتْ فيها أسماءً وطِلاسمَ[1] وعَزَمت بكلامٍ وقرأت كلاما لا يُفهم، فبعد ساعةٍ أظلمت علينا جهاتُ القصرِ حتى ظننا أن الدنيا قد انطبقت علينا، وإذا بالعِفريتِ قد تدلى علينا في أقبحِ صفةٍ بأيدٍ كالمِداري ورجلين كالصواري وعينين كمِشعَلين يوقدان نارا، 

ففزِعنا منه، فقالت بنتُ الملك "لا أهلا بك ولا سهلا[2]!" فقالَ العِفريتُ وهو في صورةِ أسد "يا خائنة، كيف خنتِ اليمين؟ أما تحالفنا على أنه لا يتعرضُ أحدٌ للآخر؟!" فقالت له "يا لعين! ومن أين لك يمين؟" فقالَ العِفريت "خذي ما جاءَك" ثم انقلبَ أسدا وفتحَ فاه وهجمَ على الصبية، فأسرعت وأخذت شعرةً من شعرِها بيدِها وهمهمت بشفتيها، فصارت الشعرةُ سيفا ماضيا[3] وضربَت الأسدَ فصارَ نصفين، فصارت رأسُه عقربا وانقلبت الصبيةُ حيةً عظيمة وهمت على هذا اللعين وهو في صفةِ عقرب، فتقاتلا قتالا شديدا ثم انقلبَ العقربُ عُقابا فانقلبت الحيةُ نسرا[4]وصارت وراءَ العُقاب واستمرت ساعةً زمانية، ثم انقلبَ العُقابُ قطا أسود فانقلبت الصبيةُ ذئبا، فتشاحنا في القصرِ ساعةً زمانية وتقاتلا قتالا شديدا فرأى القطُ نفسَه مغلوبا فانقلب وصار رمانةً حمراءَ كبيرة ووقعت تلك الرمانةُ في بركة، فقصدها الذئبُ فارتفعت في الهواءِ ووقعت على بلاطِ القصرِ فانكسرت وانتثر الحبُ، كلُ حبةٍ وحدَها وامتلأت أرضُ القصرِ حبا، فانقلبَ ذلك الذئبُ ديكا لأجلِ أن يلتقطَ ذلك الحبَ حتى لم يترك منه حبة، فبالأمِر المقدر تدارت[5]حبةٌ في جانبِ 

الفَسقية[6] فصارَ الديكُ يصيحُ ويرفرفُ بأجنحتِه ويشيرُ إلينا بمنقارِه ونحنُ لا نفهمُ ما يقول، ثم صرخَ علينا صرخةً تخيل لنا منها أن القصرَ قد انقلبَ علينا، ودارَ في أرضِ القصر كلِها حتى رأى الحبةَ التي تدارت في جانبِ الفَسقية فانقضَ عليها ليلتقطَها، وإذا بالحبةِ سقطت في وسطِ الماء الذي في البركة فصارت سمكةً وقد غاصت في الماء،ِ فانقلبَ الديكُ حوتا كبيرا ونزَلَ خلفَها وغابَ ساعة، وإذا بنا قد سمِعنا صراخا عاليا فارتجفنا، فبعد ذلك طلَعَ العِفريتُ وهو شعلةُ نار، فألقى من فمِه نارا ومن عينيه ومَنْخيرِه[7] نارا ودخانا وانقلبت الصبيةُ لجُةَ[8] نار، فأردنا أن نغطسَ في ذلك الماءِ خوفا على أنفسِنا من الحريق والهلاك، فما نشعرُ إلا والعفريتُ قد صرخَ من تحتِ النيران وصارَ عندنا في الليوان[9] ونفخَ في وجوهِنا بالنار فلحِقَته الصبيةُ ونفخت في وجهِه بالنار أيضا فأصابنا الشررُ منها ومنه فأما شررُها فلم يؤذنا وأما شررُه فلحِقني منه شرارةٌ في عيني فأتفلها وأنا في صورةِ قرد، ولحِقَ الملكَ شرارةٌ منه في وجهِه فأحرقت نصفَه التحتاني بذقنِه وحَنَكِه[10] ووقعت أسنانُه التحتانية، ووقعت شرارةٌ في صدرِ الطواشي فاحترقَ وماتَ من وقتِه وساعتِه، فأيقنا بالهلاك وقطعنا رجاءنا من الحياة، فبينما نحن كذلك وإذا بقائلٍ يقول "اللهُ أكبر اللهُ أكبر، قد فتحَ ونصرَ وخذلَ من كفرَ بدينِ محمد سيدِ البشر" وإذا بالقائلِ بنتِ الملك قد أحرقت العِفريت، فنظرنا إليه فرأيناه قد صارَ كومَ رماد ثم جاءت الصبيةُ إلينا وقالت "الحقوني بطاسةِ ماء" فجاؤوا[11] بها إليها، فتكلمت عليها بكلامٍ لا نفهمُه ثم رشتني بالماء وقالت "اُخلُص بحقِ الحق، وبحقِ اسمِ اللهِ الأعظم إلى صورتِك الأولى" فصرتُ بشرا كما كنت أولا ولكن تلِفت عيني، فقالت الصبية "النار! النار! يا والدي أنا ما بقيتُ أعيش لأني موعودةٌ بالقتل، ولو كان من الإنس لقتلتُه من أولِ الأمر، وما تعبتُ إلا وقتَ فرطِ الرمانة[12]حين لقطتُ حبَها ونسِيتُ الحبةَ التي فيها روحُ الجني، فلو لقطتُها لماتَ من ساعتِه ولكن ما رأيتُها بالقضاءِ والقدر، ولم أشعر إلا وهو قد أتي وجرى لي معه حربٌ شديدٌ تحتَ الأرضِ وفي الهواءِ وفي الماءِ، وكلما فتحَ علي بابا فتحت عليه بابا أعظم منه، إلى أن فتحَ علي بابَ النار وقلَ من فُتِحَ عليه بابُ النار ونجا منه وإنما ساعدَني عليه القدر، حتى أحرقتُه قبلي وكنتُ أعهدُ سنةَ التدينِ بدينِ الإسلام ِ وها أنا ميتة والله ُ خليفتي عليكم" ثم إنها لم تزل تستغيثُ من النار وإذا بشررٍ أسودَ قد طلَعَ إلى صدرِها وطلعَ إلى وجههِا فلما وصلَ إلى وجهِها بكت وقالت "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهدُ أن محمدا رسولُ الله" ثم نظرنا إليها ورأيناها كومَ رماد بجانبِ كَوْمِ العِفريت، 

فحزِنا عليها وتمنيتُ لو كنتُ مكانَها، ولا أرى ذلك الوجهَ المليحَ الذي عمِلَ فيّ هذا المعروفَ يصيرُ رمادا لكن حكمَ اللهِ لا يرد، فلما رأى الملكُ ابنتَه صارت كَومَ رمادٍ نتفَ بقيةَ لحيتِه ولطمَ على وجهِه وشقَ ثيابَه وفعلتُ كما فعلَ وبكينا عليها، ثم جاءَ الحُجَّاب[13] وأربابُ الدولة، فوجدوا السلطانَ في حالةِ العدم وعندَه كَومان رمادا فتعجبوا وداروا حولَ الملكِ ساعةً، فلما أفاقَ أخبرَهم بما جرى لابنتِه مع العِفريت، فعظُمت مصيبتُهم وصرخَ النساءُ والجواري وعمِلوا العزاءَ سبعةَ أيام، ثم إن الملكَ أمرَ أن يبُنى على رمادِ ابنتِه قبةً عظيمة، وأوقدوا فيها الشموعَ والقناديلَ، وأما رمادَ العفريت فإنهم ذَرُوه[14] في الهواءِ إلى لعنةِ الله.

 ثم مرِضَ السلطانُ مرضا أشرفَ منه على الموت، واستمرَ مرَضُه شهرا وعادت إليه العافيةُ، فطلبَني وقالَ لي "يا فتى، قد قضينا زماننا في أهنأ[15] عيشٍ آمنين من نوائبِ الزمان حتى جئتَنا فأقبلتْ علينا الأكدار[16] فليتنا ما رأيناك ولا رأينا طلعتَك القبيحةَ التي بسببِها صرنا في حالةِ العدم، فأولا عدِمتُ ابنتي التي كانت تساوي مائةَ رجل، وثانيا جرى لي من الحريقِ ما جرى وعدِمتُ أضراسي وماتَ خادمي ولكن ما بيدِك حيلة بل جرى قضاءُ اللهِ علينا وعليك والحمد لله حيث خلصَتَك ابنتي وأهلكت نفسَها، فاخرجْ يا ولدي من بلدي وكفى ما جرى بسبِبك، وكلُ ذلك مقدرٌ علينا وعليك، فاخرجْ بسلام" فخرجتُ يا سيدَتي من عندِه وما صدَّقتُ بالنجاة ولا أدري أين أتوجه وخطر على قلبي ما جرى لي وكيف خلُّوني في الطريقِ سالما منهم، ومشَيتُ شهرا وتذكرتُ دخولي في المدينةِ غريبا واجتماعي بالخياط واجتماعي بالصبيةِ تحتَ الأرضِ وخلاصي من العِفريت بعد أن كان عازما على قتلي، وتذكرتُ ما حصلَ لي من المبتدأِ إلى المنتهى فحمدتُ اللهَ وقلتُ بعيني ولا برُوحي ودخلتُ الحمامَ قبلَ أن أخرجَ من المدينة وحلقتُ ذقني وجئتُ يا سيدَتي، وفي كلِ يومٍ أبكي وأتفكرُ المصائبَ التي عاقَبَتها تلفُ عيني، وكلما أتذكرُ ما جرى لي أبكي وأُنشِدُ هذه الأبيات[17]:

 

 

تحيرتُ والرحمنِ لا شك في أمري

وحلت بي الأحزانُ من حيثُ لا أدري

سأصبِرُ حتى يعلمَ الناسُ أنني

صبَرتُ على شيءٍ أمرَ من الصبرِ

وما أحسنَ الصبرَ الجميلَ مع التُقى[18]

وما قدَّرَ المَوْلَى[19] على خلقِه يجري

سرائرُ[20] سري ترجمانُ سريرتي

إذا كان سرُ السرِ، سرُك، في سري

ولو أن ما بي بالجبالِ لهُدِمت 

وبالنارِ أطفأها وبالريحِ لم يسِر

ومن قالَ إن الدهرَ فيه حلاوةٌ

فلابد من يومٍ أمرَ من المرِ

 

ثم سافرتُ الأقطارَ ووردتُ الأمصار وقصدتُ دارَ السلامِ بغداد لعلي أتوصلُ إلى أميرِ المؤمنين وأخبرُه بما جرى لي، فوصلتُ إلى بغداد هذه الليلةَ فوجدتُ أخي هذا الأولَ واقفا متحيرا فقلتُ السلامُ عليك، وتحدثتُ معه وإذا بأخينا الثالثِ قد أقبلَ علينا وقالَ السلامُ عليكم أنا رجلٌ غريب فقلنا له ونحن غريبان وقد وصلنا هذه الليلةَ المباركة فمشَينا نحن الثلاثةُ وما فينا أحدٌ يعرفُ حكايةَ أحد فساقتنا المقاديرُ إلى هذا الباب ودخلنا عليكم، وهذا سببُ حلقِ ذقني وتلَفِ عيني، فقالت له "إن حكايتَك غريبة! فامسحْ رأسَك واخرجْ إلى حالِ سبيلِِك" فقال "لا أخرجُ حتى أسمعَ حديثَ رفيقي" فتقدمَ الصعلوكُ الثالثُ وقال "أيتها السيدةُ الجليلة، ما قصتي مثلَ قصتِهما بل قصتي أعجب، وذلك أن هذين جاءهما القضاءُ والقدر، وأما أنا فسببِ حلقِ ذقني وتلَفِ عيني أنني جلبتُ القضاءَ لنفسي، والهمَ لقلبي، وذلك أني كنت ملكا ابنَ ملكِ، وماتَ والدي وأخذتُ الُملكَ من بعدِه وحكمتُ وعدلتُ وأحسنتُ للرعية، وكان لي محبةٌ في السفرِ في البحر، وكانت مدينتي على البحر، والبحرُ متسعٌ وحولَنا جزائرُ معدةٌ للقتال، فأردتُ أن أتفرجَ على الجزائر فنزَلتُ في عشرةِ مراكبَ، وأخذتُ معي مُؤْنةِ[21] شهرٍ كامل، وسافرتُ عشرين يوما، ففي ليلةٍ من الليالي هبت علينا رياحٌ مختلفة إلى أن لاحَ الفجر، فهدأ الريحُ وسكنَ البحرُ حتى أشرقت الشمس، ثم إننا أشرفنا على جزيرةٍ وطلَعنا على البر وطبخنا شيئا نأكلُه، فأكلناه، ثم أقمنا يومين وسافرنا عشرين يوما فاختلفت علينا المياه وعلى الريس واستغربَ[22] الريسُ البحر، فقلنا للناظور[23] انظر البحرَ بتأمل، فطلِعَ الصاري[24]، ثم نزلَ ذلك الناظور وقالَ للريس "يا ريس، رأيتُ عن يميني سمكا على وجهِ الماء، ونظرتُ إلى وسطِ البحر فرأيتُ سوادا من بعيد يلوحُ تارةً أسود وتارةً أبيض" فلما سمِعَ الريسُ كلامَ الناظور ضربَ الأرضَ بعمامتِه ونتفَ لحيتَه وقالَ للناس "ابشِروا بهلاكِنا جميعا، ولم[25] يسلمْ منا أحد!" 

 وشرعَ يبكي وكذلك نحن الجميع نبكي على أنفسِنا فقلتُ "أيها الريس، أخبرنا بما رأى الناظور" فقال "يا سيدي، اعلمْ اننا تهنا يومَ جاءت علينا الرياحُ المختلفة ولم يهدأ الريحُ[26] إلا بُكرة[27] النهار، ثم أقمنا يومين فتُهْنا في البحرِ ولم نزل تائهين أحدَ عشرَ يوما من تلك الليلة، وليس لنا ريحٌ يُرجِعُنا إلى ما نحن قاصدون آخرَ النهار، وفي غدٍ نصلُ إلى جبلٍ من حجرٍ أسود يسمى حجرَ المغناطيس[28] وتجرُنا المياهُ غَصْبا إلى جهتِِه فتتمزقُ المراكبُ ويروحُ كلُ مِسمارٍ في المركَبِ إلى الجبلِ ويلتصقُ به، لأن اللهَ وضعَ في حجرِ المغناطيس سرا وهو أن جميعَ الحديدِ يذهبُ إليه، وفي ذلك الجبلِ حديدٌ كثير لا يعلمُه إلا اللهُ تعالى، حتى 

إنه تكسرَ من قديمِ الزمان مراكبُ كثيرةٌ بسببِ ذلك الجبل، ويلي ذلك البحرَ قبةٌ من النحاس الأصفر معقودةٌ على عشرةِ أعمدة، وفوقَ القبةِ فارسٌ على فرسٍ من نُّحاس، وفي يدِ ذلك الفارسِ رمحٌ من نحاس، ومعلقٌ في صدرِ الفارس لوحٌ من رصاصٍ منقوشٌ عليه أسماءٌ وطلاسمُ فيها، أيها الملك، ما دام هذا الفارسُ راكبا على هذه الفَرَسِ تنكسرُ المراكبُ التي تفوُتُ[29] من تحتِه ويهلِكُ ركابُها جميعا، ويلتصقُ جميعُ الحديدِ الذي في المركَبِ بالجبلِ، وما الخلاصُ إلا إذا وقعَ هذا الفارسُ من فوقِ تلك الفرس" ثم إن الريسَ، يا سيدَتي، بكى بكاءً شديدا فتحققنا أننا هالكون لا محالة، وكلٌ منا ودعَ صاحبَه، فلما جاءَ الصباحُ قَرُبنا من ذلك الجبل، وساقتنا المياهُ إليه غَصْبا، فلما صارت المراكبُ تحتَه، انفتحت وفرَّت المساميرُ منها وكلُ حديدٍ فيها نحوَ المغناطيس، ونحن دائرون حولَه في آخرِ النهار، وتمزقت المراكبُ، فمنا من غرِقَ ومنا من سلِم، ولكن أكثرَنا غرِقَ والذين سلِموا لم يعلموا ببعضِهم لأن تلك الأمواجَ واختلافَ الرياحِ أدهشتهم وأما أنا، يا سيدَتي، فنجاني اللهُ تعالى لما أرادَه من مشقتي وعذابي وبلوتي، فطلِعتُ على لوحٍ من الألواح، فألقاه الريحُ والأمواجُ إلى جبل، فأصبتُ طريقا متطرفا إلى أعلاه، على هيئة السلالم منقورةٌ في الجبل فسميتُ اللهَ تعالى و... أدركَ شهرزادَ الصباح فسكتت عن الكلامِ المباح.

 


[1] الطلاسم جمع الطِلَسم. وهي كلمة بمعنى تعويذة أو تميمة أو حجاب أو حرز، ورغم أن البعض يفرق في المعنى بين هذه الكلمات لكنها كثيرا ما تستخدم للدلالة على المعنى نفسه.
وقد انتقلت الكلمة من اليونانية إلى العربية، ثم من العربية إلى اللغات الغربية. ولكني لم أعثر عليها في المعاجم القديمة المتاحة لي، فيما أوردها الوسيط بمعنى: خطوط وأعْدادُ يَزْعُمُ كاتبُها أنهُ يربطُ بها روحانيّات الكواكب العلْوية بالطبائِع السفلية لجَلب مَحْبُوب أو دفع أذًى، وهو لفظٌ يوناني لكل ما هو غامض مُبهَمٌ كالألغاز والأحَاجي، والشائعُ على الألسنة: طَلْسم كجعفر.
ويقال: فَكّ طلسَمهُ أو طلاسِمَهُ: وضَّحَهُ وفسرهُ. والجمع : طَلاسِم.


[2] معنى أهلاً: أي صادفت أهلاً لا غرباء.
ومعنى سهلاً: أي وطئت موطئاً سهلاً، كناية عن الترحاب.
[3]  سيفا ماضيا: حادا قاطعا.

[4] العُقاب والنسر كلاهما من الطيور الجارحة الآكلة للحوم. أحدهما يصطاد فريسته حية والآخر يتغذى على الجيف ومن ثم لا يتمتع بمكانة جيدة في كرمز ثقافي. ويوجد خلط كبير بين الاثنين؛ ففي مصر بحسب ما رأيت بشكل شخصي نطلق اسم النسر على الطائر الذي يصطاد فريسته حية ويتمتع بشكل يعكس القوة والنبل وهو بالإنجليزية Eagle، وهو رمز الدولة المصرية على العلم وعلى الأختام الرسمية.
لكن، وهنا يأتي الالتباس، النسر وفقا للعديد من المصادر المتاحة لي، ومن بينها المعجم الوسيط كالتالي؛ النَّسْرُ:  طائر من الجوارح حادُّ البصر قويٌّ من الفصيلة النَّسْريَّة من رتبة الصَّقريّات، وهو أَكبر الجوارح حجمًا، وله منقارٌ معقوف مذبَّب ذو جوانب مزوَّدة بقواطع حادة، وله قائمتان عاريتان، ومخالب قصيرةٌ ضعيفة، وجناحان كبيران.
وهو سريعُ الخُطى بطىء الطيران، يتغذَّى بالجيف، ولا يهاجم الحيوانَ إِلا مضطرًّا، ويستوطن المناطق الحارة والمعتدلة.
ووفقا لهذا الوصف يصبح النسر هو طائر ال vulture الذي يأكل الجيف ولا يتمتع بالمظهر النبيل نفسه لطائر العُقاب الذي يرجح البعض أنه الترجمة العربية الصحيحة لكلمة eagle. أما ما ذكره الوسيط من "أنه أكبر الجوارح حجما" فلم أتمكن من التثبت منه من أي مصدر، لاختلاف الأنواع والأحجام للطائرين، لكن يبدو أن العُقاب أكثر قوة من النسر وإذا تقاتل الطائران ستكون النتيجة في صالح الأول على الأرجح.
وهنا تجدر الإشارة إلى النسر لا يرمز في مصر القديمة إلى أي قيمة سلبية، بل على العكس، فالنسر هو أحد رموز هيروغليفية بمعنى "أم" وينطق "مويت" وقد ارتبط بالإلهة نيخبيت أحد الآلهة القديمة للصعيد فيما ترتديه الإلهة "موت" على رأسها كباروكة وتطير بأجنحته في بعض الأحيان، كرمز لارتباطها بالإلهة القديمة. وهناك نوع آخر من النسور يطلق عليه اسم النسر المصري، أو فرخة الفرعون، ومهدد بالانقراض هو الرمز الهيلوغريفي للصوت "أ".
وربما اختيار الكاتب أن تنقلب المرأة في هذا الصراع الدرامي بين الذكر الممثل في العفريت والأنثى الساحرة، أن تنقلب إلى نسر يمثل نوعا من الإحالة اللاوعية إلى الرمز الأمومي القديم. فيما انقلبت حية وهي أيضا أحد رموز الإلهة موت. لكن التوازي لا يستقيم بالنسبة لبقية الحيوانات لأن العفريت انقلب أسدا وقطا وكلاهما أيضا حيوانات مرتبطة بالإلهة المصرية القديمة.

[5] تدارى، شكل فصيح لفعل يستخدم في المصرية: دارى أي خبأ اتدارى أي اختبأ.
[6]  من الغريب أني لم أعثر على كلمة فسقية في المعاجم القديمة المتاحة لي، على الرغم من أن اختراعها يرجع إلى ما قبل التاريخ في المنطقة المعروفة بدولة العراق حاليا. ولكنها أدخلت إلى المعجم الوسيط.
[7] ليست فصيحة. والفصيح منخر وقد سبق ذكره تفصيلا.
[8] لُجة: جلبة وتردد الأصوات، ومن غير الواضح لي هنا معنى "لجة نار" لكن ربما نار يسمع صوت اشتعالها، كما يقال لجة البحر أي أمواجه.
[9]  الليوان: هو مصطبة مرتفعة في طراز من المنازل، تحيط به ثلاثة جدران وسقف محمول على أعمدة مزينة ويكون مفتوحا في كثير من الأحيان في ضلعه الرابع على الخارج أو على فناء المنزل، ووظيفته استقبال الضيوف خلال أشهر الصيف، ويبدو أنه طراز معماري في منطقة الشام.
[10]  الحَنَكُ من الإنسان والدابة: باطن أَعلى الفم من داخل أو أسفله، وهنا المقصود الفم بشكل عام.
[11]  في الأصل جاؤا
[12] الرمان يحتوي حمض الفوليك المفيد في فترة الحمل، وهو ما ربما اكتشفه الإنسان القديم بالتجربة الطويلة، ذلك بالإضافة إلى الشكل واللون المميز لهذه الثمرة جعلتها رمزا تقليديا للحمل والولادة. وفي الأسطورة اليونانية يختطف هيدس، إله العالم السفلي، بيرسفوني ويقدم لها رمانة، وحين تأكلها ترتبط به للأبد. أما قصة هذا العفريت هنا الذي أيضا اختطف فتاة واتخذها زوجه ووضعها تحت الأرض، فهي ليست بعيدة عن تلك القصة اليونانية، وتستخدم الرمز نفسه للتعبير عن هزيمة الأنثى: الرمانة! والحبة التي فيها روح الجني.

[13]  الحجاب جمع حاجب: البواب.
[14]  في الأصل "أزروه" وهي خطأ لأن أزرى بمعنى عاتب وهان لما ذرى فتعني نثر في الهواء. والمعنى الأخير هو المناسب هنا.
[15]  في الأصل "أهنى" وهي ليست فصيحة والصحيح أهنأ.
[16]  الأكدار جمع كَدَر وهو نقيض الصفاء
[17] الأبيات منسوبة للإمام علي بن أبي طالب.
[18]  التقى، يتقي تُقى أو تقوى أو اتقاء، أي يحذر، وهي مفهوم في الدين الإسلامي بمعنى : الحذر من عقاب الله.
[19]  المولى أو الولي من الأسماء الحسنى وتعني المُحِبُّ، والصَّدِيقُ، والنَّصيرُ.

[20] سرائر جمع سريرة وهي نوايا النفس الداخلية

[21]  المؤنة هي العتاد والقوت، ووَالْمُؤْنَةُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: الْكُلْفَةُ أَيْ مَا يَتَكَلَّفُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ نَفَقَةٍ وَنَحْوِهَا. ولم أعثر على تلك الكلمة في لسان العرب لكن يبدو أنها تستخدم عند الفقهاء منذ زمن غير معروف لي وذكرت في "تقويم اللسان" لجمال الدين أبو الفرج عبدالرحمن بن علي بن محمد الجوز (-توفي 597هـ/1201م)، وذكر أن العامة تنطقها: مونة، بغير همزة ومازالت تلك الكلمة تستخدم إلى الآن في مصر بالمعنى نفسه.
[22]  استغرب: وجد الشيء غريبا، وقد دخل هذا المعنى إلى المعجم الوسيط ولكني لم أعثر عليه في المعاجم القديمة المتاحة لي، والمعنى القديم هو تمادى في الشيء.
[23]  الناظور: الناظر، وهنا المقصود الشخص الذي يتولى وظيفة مراقبة البحر على السفينة أو المركب.
[24]  الصاري هو عمود في وسط السفينة ينصب عليه الشراع وله عدة وظائف أخرى من بينها في المراكب قديما أن الناظور يتسلقه ليرى أبعد ما يمكن.
[25]    من الملاحظ على أسلوب كتابة هذه النسخة من ألف ليلة وليلة أن حرف النفي "لم" يستخدم دائما مع المضارع للتعبير عن المستقبل بدلا من الاستخدام الفصيح للحرف "لن" وقد اختار بعض محرري النسخ الأخرى تصحيح الحرف لكني آثرت الاحتفاظ بالنص في أقدم شكل ممكن، إذ أن قيمته التراثية التاريخية في رأيي الشخصي أهم من قيمته اللغوية.
[26]  تعامل كلمة "الريح" حتى الآن بصيغة المذكر على طول النص. 
[27]  البُكرة:  أول النهار إلى طلوع الشمس والعامَّة يسمّون يومَ الغد كلَّه بُكرةً، وباكراً.
[28] عرف الإنسان القديم المغناطيس من خلال اكتشاف معادن ممغنطة في الطبيعة. وكان اليونان من أوائل من كتب عنه قبل العصر الراهن(الميلاد) وأخذت كلمة مغناطيس من اللغة اليونانية. ويعتقد أن الصينيين هم أول من استخدموا المغناطيس في الملاحة، باستخدام البوصلة لمعرفة الجهات الأربع. قبل استخدام البوصلة كان يتم تحديد الموضع الجغرافي برؤية النجوم والمعالم الجغرافية، والأسلوب الأخير هو ما تم وصفه في هذه الحكاية. ورد أول ذكر للبوصلة في العالم الإسلام، في كتاب فارسي بعنوان "جوامع الحكايات" من القرن الثالث عشر. ويلاحظ أن هذه هي الفترة نفسها التي تشير إليها العديد من الدلائل الثقافية واللغوية (حيث يتم استخدام كلمات ظهرت في معاجم لاحقة على تلك الفترة الزمنية، وعلى رأسها القاموس المحيط (القرن الخامس عشر). 
[29]  فات، في لسان العرب فاته الأمر بمعنى سبقه، أما فات بمعنى مر فلم أعثر عليها في المعاجم العربية المتاحة لي.