ورق أصفر

ألف ليلة وليلة ٨: قصة الصعلوك الثاني ج٢

September 27, 2022 Noha Elebiari Season 2 Episode 8
ورق أصفر
ألف ليلة وليلة ٨: قصة الصعلوك الثاني ج٢
Show Notes Transcript

يواصل الصعلوك الثاني قصته عجيبة وماذا حدث له مع الصبية التي وجدها تحت الأرض. وتأخذنا وتأخذه الأحداث والتحولات إلى بلاد أخرى. فماذا حدث له؟ 

لقراءة النص أدعوكم لزيارة صفحة البودكاست 
https://waraqasfar.buzzsprout.com/1619083/11297094-
كما يسعدني التعرف على آرائكم ومقترحاتكم على بريدي الالكتروني الخاص 
nohaelebiari@gmail.com
وعلى صفحة البودكاست ورق أصفر على الفيس بوك 

فلما كانت الليلةُ الثالثةَ عشرةَ

قالت "بلغني أيها الملكُ السعيد أن الصعلوكَ الثاني قالَ للصبية يا سيدتي لما رفستُ القبةَ رفسا قويا، قالت لي المرأةُ "إن العِفريتَ قد وصلَ إلينا، أما حذرتُك من هذا؟! واللهِ، لقد آذيتني، ولكن انجِ بنفسِك واطلُعْ من المكانِ الذي جئتَ منه" فمن شدةِ خوفي نسِيتُ نعلي وفأسي[1] فلما طَلِعتُ درجتين التفتُ لأنظرَهما فرأيتُ الأرضَ قد انشقت، وطَلَعَ منها عفريتٌ ذو منظرٍ بشع وقال "ما هذه الزعجةُ التي أرعشتِني بها، فما مصيبتُك؟" فقالت "ما أصابني شيءٌ، غير أن صدريَ ضاقَ فأردتُ أن أشربَ شرابا يشرحُ صدري، فنهضتُ لأقضي أشغالي فوقعتُ على القبة" فقالَ لها العفريت "تكذبين يا فاجرةّ" ونظرَ في القصرِ يمينا وشِمالا فرأى النعلَ والفأس، فقالَ لها "ما هذا إلا متاعُ الإنس، من جاءَ إليك؟" فقالت "ما نظرتُهما إلا في هذه الساعة، ولعلهما تعلقا معك" فقالَ العفريت "هذا كلامٌ محال، لا ينطلي على يا عاهرة" ثم إنه أعراها وصلبَها بين أربعةِ وأوتاد، وجعلَ يعاقبُها ويقررُها بما كان، فلم يهن[2] عليّ أن أسمعَ بكاءها، فطلِعتُ من السلمِ مذعورا من الخوف، فلما وصلتُ إلى أعلى الموضعِ رددتُ[3]الطابقَ[4] كما كان وسترتُه بالترابِ، وندِمتُ على ما فعلتُ غايةَ الندم، وتذكرتُ الصبيةَ وحسنَها وكيف يعاقبُها هذا الملعون، وهي لها معه خمسٌ[5] وعشرون سنةً وما عاقبها إلا بسببي، وتذكرتُ أبي ومملكتَه وكيف صِرتُ حطابا، فقلتُ هذا البيت:

إذا ما أتاك الدهرُ يوما بنكبة

فيوما ترى يسرا ويوما ترى عسرا

ثم مشَيتُ إلى أن أتيتُ رفيقي الخياطَ فلقِيتُه من أجلي على مَقالي[6] النار، وهو لي في الانتظار، فقال "إني بِتُ البارحةَ وقلبي عندك، وخفتُ عليك من وحشٍ أو غيرِه، فالحمدُ لله على سلامتِك"، فشكرتُه على شفقتِه علي، ودخلتُ خَلوتي وجعلتُ أتفكرُ فيما جرى لي، وألومُ نفسي على رَفسي هذه القبة، وإذا بصديقي الخياطِ دخلَ علي وقالَ لي "في الدكانِ كان شخصٌ أعجمي يطلبُك ومعه فأسُك ونعلك، قد جاءَ بهما إلى الخياطين، وقالَ لهم إني خرجتُ وقتَ أذانِ المؤذن لأجلِ صلاةِ الفجر فعَثَرتُ بهما، ولم أعلمْ لمن هما فدُلُّوني على صاحبِهما فدله الخياطون عليك، وها هو قاعدٌ في دكاني، فاخرجْ إليه واشكرْه، وخذْ فأسَك ونعلَك" فلما سمعتُ هذا الكلام اصفرَ لوني وتغيرَ حالي فبينما أنا كذلك وإذا بأرضِِ محلي قد انشقت وطلَعَ منها الأعجمي وهو العِفريتُ وقد كان عاقبَ الصبيَة غايةَ العقاب فلم تُقِرْ[7] له بشيء، فأخذَ الفأسَ والنعلَ وقالَ لها "إن كنتُ جرجريس من ذريةِ إبليس فأنا أجيءُ بصاحبِ هذه الفأس والنعل" ثم جاءَ بهذه الحيلةِ إلى الخياطين ودخلَ عليّ، ولم يمهلني بل اختطفَني وطارَ وعلا بي ونزلَ وغاصَ في الأرضِ، وأنا لا أعلمُ بنفسي، ثم طلِعَ بي القصرَ الذي كنتُ فيه فرأيتُ الصبيةَ  عُريانةً والدمُ يسيلُ من جوانبِها، فقَطَرت عيناي بالدُموع، فأخذَها العِفريت، وقال لها "يا عاهرة، هذا عشيقُك" فنظرت إلى وقالت "لا أعرفُه، ولا رأيتُه إلا في هذه الساعة" فقالَ لها العفريت "أهذه العقوبةُ ولم تُقِري؟!" فقالت "ما رأيتُه عمري، وما يُحِلُ من اللهِ أن أكذبَ عليه" فقالَ لها العفريت "إن كنتِ لا تعرفينه فخذي هذا السيفَ واضربي عنقَه" فأخذت السيفَ وجاءتني ووقفت على رأسي، فأشرتُ لها بحاجبي ودمعي يجري على وجنتي، فنهضت وغمزتني وقالت "أنت الذي فعلتَ بنا هذا كلَه" فأشرتُ لها أن هذا وقتُ العفو ولسانُ حالي يقول:
يترجمُ طَرْفي[8] عن لساني لتعلموا

ويبدو لكم ما كان صدري يكتمُ

ولما التقينا والدموعُ سَواجمُ[9]

خرِستُ وطرْفي بالهوى يتكلمُ

تشير لنا عما تقولُ بطرْفِها 

وأومي إليها بالبنان فتفهم

حواجبُنا تقضي الحوايج[10] بيننا

فنحن سكوتٌ والهوى يتكلمُ

 

فلما فهمت الصبيةُ إشارتي رمت السيفَ من يدِها، يا سيدتي، فناولني العِفريتُ السيفَ، وقال لي "اضربْ عنقَها، وأنا أُطلِقُك ولا أُنكد عليك" فقلت "نعم" وأخذتُ السيفَ وتقدمتُ بنشاط ورفعتُ يدي فقالت لي بحاجبِها "أنا ما قصرتُ في حقِك" فهَمَلت[11] عيناي بالدموعِ ورمَيتُ السيفَ من يدي وقلتُ "أيها العِفريتُ الشديدُ والبطلُ الصِنديد[12] إذا كانت امرأةٌ ناقصةُ عقلٍ ودين لم تستحلْ ضربَ عنقي، فكيف 

يحِلُ لي أن أضربَ عنقَها، ولم أرها عمري، فلا أفعلُ ذلك أبدا ولو سُقِيتُ من الموتِ كأسَ الرَّدَى[13]" فقالَ العِفريتُ "أنتما بينكما مودة" ثم أخذَ السيفَ وضربَ يدَ الصبيِة فقطعَها، ثم ضربَ الثانيَة فقطعَها ثم ضربَ رجلَها اليمين ثم قطعَ رجلَها اليسار حتى قطعَ أربعَها بأربعِ ضربات، وأنا أنظرُ بعيني، فأيقنتُ بالموت، ثم أشارت إلي بعينِها فرآها العِفريتُ فقالَ لها "قد زنيتِ بعينِك" ثم ضرَبها فقطعَ رأسَها، والتفت إليّ وقالَ "يا إنسي، نحن في شرعِنا إذا زنت الزوجةُ يحِلُ لنا قتلَها، وهذه الصبيةُ اختطفتُها ليلةَ عرسِها وهي بنتُ اثنتي عشرةَ سنة ولم تعرفْ أحدا غيري، وكنتُ أجيئُها في كلِ عشرةِ أيامٍ ليلةً واحدة، في زي رجلٍ أعجمي، فلما تحققتُ أنها خانتني قتلتُها، وأما أنت فلم أتحققْ أنك خنتني فيها، ولكن لابد أني ما  أخَلَّيك في عافية، فتمن علي أيَ ضرر" ففرحتُ، يا سيدَتي، غايةَ الفرح، وطَمِعتُ في العفو وقلتُ له "وما أتمناه عليك؟" قالَ "تمنْ عليّ أيَ صورةٍ  أسحَرُك فيها؛ إما صورةَ كلبٍ وإما صورةَ حمار وإما صورةَ قرد" فقلتُ له وقد طَمِعتُ أنه يعفو عني "واللهِ إن عفوتَ عني يعفو اللُهُ عنك بعفوِك عن رجلٍ مسلمٍ لم يؤذِك، وتضرعتُ إليه غايةَ التضرع، وبقِيتُ بين يديه، وقلتُ له: أنا مظلوم، فقالَ "لا تطِلْ عليَّ الكلام، أما القتلُ فلا تخفْ منه، وأما العفوُ عنك فلا تطمعْ فيه، وأما سَحرُك فلابد منه" ثم شقَ الأرضَ وطارَ بي إلى الجوِ حتى نظرتُ إلى الدنيا تحتي كأنها قصعةُ[14] ماء، ثم حطَّني على جبلٍ وأخذَ قليلاً من الترابِ وهمهمَ عليه وتكلمَ ورشَني وقال "اخرجْ من هذه الصورةِ إلى صورةِ قرد" فمن ذلك الوقتِ صرتُ قردا ابنَ مائةِ سنة، فلما رأيتُ نفسي في هذه الصورةِ القبيحةِ بكيتُ على رُوحي وصبَرتُ على جورِ الزمانِ، وعلِمتُ أن الزمانَ ليس لأحد، وانحدرتُ من أعلى الجبلِ إلى أسفلِه، وسافرتُ مدةَ شهرٍ، ثم ذهبتُ إلى شاطئِ البحرِ المالح فوقفتُ ساعةً، وإذا أنا بمركَبٍ في وسَطِ البحر قد طابَ ريحُها وهي قاصدةٌ البرَ فاختفَيتُ خلفَ صخرةٍ على جانبِ البحر، وسرتُ إلى أن أتيتُ وسَطَ المركَبِ، فقالَ واحدٌ منهم "أَخْرِجُوا هذا المشؤمَ من المركَب" وقالَ واحدٌ منهم "نقتلْه!" وقالَ آخر "أقتلْه بهذا السيف" فأمسكتُ طرفَ السيفِ وبكيتُ وسالت دموعي، فحنَّ عليَّ الريس[15]، وقالَ لهم "يا تجار، إن هذا القردَ استجارَ بي، وقد أجرتُه، وهو في جواري فلا أحد يتعرضْ له ولايشوشْ[16] عليه" ثم إن الريسَ صارَ يُحسنُ إلي ومهما تكلمَ به أفهمْه، وأقضي حوائجَه كلَها، وأخدمُه في المركَبِ وقد طابَ لها الريحُ مدةَ خمسين يوما، فرسَينا على مدينةٍ عظيمة وفيها عَالمٌ كثير لا يُحصِي عددَهم إلا اللهُ تعالى، فساعةَ وصولِنا أوقفنا مركبَنا، فجاءتنا مماليك من طرفِ ملك المدينةِ، فنزَلوا المركَبَ وهنُوا[17] التجارَ بالسلامة، وقالوا "إن ملكَنا يهنيكم بالسلامة، وقد أرسلَ إليكم هذا الدَّرْجَ[18] الورقَ، وقالَ؛ كلُ واحدٍ منكم يكتبُ فيها سطرا" فقمتُ وأنا في صورةِ القرد وخطفتُ الدَّرْجَ من أيدِيهم، فخافوا أني أقطعَه وأرميه في الماء فنهرُوني وأرادوا قتلي فأشرتُ لهم أني أكتب، فقالَ لهم الريسُ "دعوه يكتبُ فإن لخبطَ[19] في الكتابةِ طردناه عنا وإن أحسنَها اتخذتُه ولدا، فإني ما رأيتُ قردا أفهمَ منه" ثم أخذتُ القلمَ واستمديتُ[20] الحبرَ وكتبتُ سطرا بقلمِ الرقاع[21] ورقَمتُ[22] هذا الشعر:

 

لقد كتبَ الدهرُ فضلَ الكرام

وفضلُك للآن لا يحسبُ

فلا أيتم اللهُ منك الورى 

لأنك للفضلِ نعم الأبُ

 

وكتبت بالقلمِ الريحاني[23] هذا الشعر:

 

له قلمٌ عمَّ الأقاليمَ نفعُه

لتوقيعِه للعالمين منافعَ

وخمسةُ أنهارٍ أناملُه التي 

تسيلُ على الأقطارِ خمسَ أصابع

 

وكتبت بقلمِ الثلث هذين البيتين:

وما من كاتبٍ إلا سيفنى

ويبقى الدهرُ ما كتبت يداه

فلا تكتبْ بخطِك غيرَ شيء

يسرُك في القيامةِ ما تراه 

 

وكتبتُ تحتَه بقلمِ المشق هذين البيتين:

 

وإذا فتحتَ دواةَ العزِ والنعمِ

فاجعلْ مِدادَك من جودٍ ومن كرمِ

واكتبْ بخيرٍ إذا ما كنتَ مقتدرا

بذاك شَرُفتَ فضلاً نسبة القلم

 

ثم ناولتُهم ذلك الدَّرَجَ الورقَ فطَلَعوا به إلى الملك، فلما تأملَ الملكُ ما في ذلك الدَّرَجِ، لم يعجبْه خطَ أحدٍ إلا خطي، فقالَ لأصحابِه "توجهوا إلى صاحبِ هذا الخطِ ألبِسوه هذه الحُلةَ[24] وركِّبوه بغلةً وهاتُوه 

بالنَوبَةِ[25] وأَحضِروه بين يدي" فلما سمعِوا كلامَ الملكِ تبسموا، فغضِبَ منهم، ثم قال "كيف آمرُكم بأمرٍ فتضحكون علي" فقالوا "أيها الملكُ ما نضحكُ على كلامِك، بل الذي كتبَ هذا الخطَ قردٌ وليس آدميا، وهو مع ريسِ المركَبِ "فتعجبَ الملكُ من كلامِهم واهتزَ من الطربِ وقال "أريدُ أن اشتري هذا القرد" ثم بعثَ رسلا إلى المركَبِ ومعهم البغلةُ والحُلةُ وقال "لابد أن تُلبِسوه هذه الحُلةَ وتُرَّكِبوه البغلةَ، وتأتوا به" فساروا إلى المركَبِ وأخذوني من الريسِ وألبسوني الحُلةَ، فاندهشَ الخلائقُ وصاروا يتفرجون[26]عليّ، فلما طلِعوا بي إلى الملك ورأيتُه، قبلتُ الأرضَ بين يديه ثلاثَ مرات، فأمرَني بالجلوسِ فجلستُ على ركبتَي، فتعجبَ الحاضرون من أدبي، وكان الملكُ أكثرَهم تعجبا، ثم إن الملكَ أمرَ الخلقَ بالانصرافِ فانصرفوا ولم يبقْ إلا الملكُ والطواشي[27] ومملوكٌ صغير وأنا، ثم أمرَ الملكُ بطعام، فقدموا سفرةَ طعامٍ فيها ما تشتهي الأنفس وتَلَذُ الأعين، فأشارَ إلى الملكُ أن كل، فقمتُ وقبلتُ الأرضَ بين يديه سبعَ مرات، وجلستُ آكل معه، وقد ارتفعت السفرةُ وذهبت فغسلتُ يدي، وأخذتُ الدواةَ والقلمَ والقِرطاسَ[28]، وكتبتُ هذين البيتين:

 

أناجرُ[29] الضأنِ ترياقٌ من العللِ

وأصحنُ الحُلوِ فيها منتهى أملي

يا لهفَ قلبي على مدِ السِّماط إذا 

ماجت[30] كنافتُه بالسمنِ والعسل

 

وكتبتُ أيضا هذين البيتين[31]:

 

إليكِ اشتياقي يا كنافةَ زائد[32]

وليس غنى لي عنك كلا ولا صبرُ

فلازلتِ أكلي كلَ يومٍ وليلة

ولازال مُنهلا[33] بجرعائكِ[34] القَطرُ[35]

 

ثم قمتُ وجلستُ بعيدا فنظرَ الملكُ إلى ما كتبتُه وقرأَه فتعجبَ وقال "هل يكونُ عندَ قردٍ هذه الفصاحةُ وهذا الخطُ؟ واللِهِ إن هذا من أعجبِ العجب" ثم قُدِمَ للملكِ شطرنج فقالَ الملكُ "أتلعب؟" قلتُ برأسي "نعم" فتقدمتُ وصففتُ الشطرنجَ ولعبتُ معه مرتين فغَلَبتُه، فحارَ عقلُ الملكِ وقال "لو كان هذا آدميا لفاقَ أهلَ زمانِه" ثم قالَ لخادِمه "اذهبْ إلى سيدتِك وقلْ لها كلمي الملك حتى تجيءَ فتتفرجَ على هذا القردِ العجيب" فذهبَ الطواشي وعادَ ومعه سيدتُه بنتُ الملك، فلما نظرت إليّ غطت وجهَها وقالت "يا أبي، طابَ على خاطرِك أن ترسلَ إليَّ فيراني الرجالُ الأجانب" فقال "يا بنتي، ما عندي سوى المملوكِ الصغيرِ والطواشي الذي رباكِ وهذا القرد، وأنا أبوكِ، فممن تغطين وجهَك" فقالت "إن هذا القردَ ابنُ ملك، واسمُ أبيه ايمار صاحبُ جزائر الأبنوس[36] الداخلة، وهو مسحور، سحرَه العفريتُ جرجريس الذي هو من ذرية إبليس، وقد قتلَ زوجتَه بنتَ ملكِ اقناموس، وهذا الذي تزعمُ أنه قرد، إنما هو رجلٌ عالمٌ عاقل" فتعجبَ الملكُ من ابنتِه ونظرَ إليّ وقالَ "أحقٌ ما تقولُ عنك؟" فقلتُ برأسي نعم، وبكيت، فقالَ الملكُ لبنتِه "من أين عرَفتِ أنه مسحور؟" فقالت "يا أبتِ، كان عندي وأنا صغيرة ٌعجوزٌ ماكرةٌ ساحرة علمتني صناعةَ السحر، وقد حفِظتُه وأتقنتُه وعرَفتُ مائةً وسبعين بابا من أبوابِه، أقلُ بابٍ منها أنقلُ به حجارةَ مدينتِك خلفَ جبلِ قاف، وأجعلُها 

 

لجَُّةَ[37] بحرٍ وأجعلُ أهلَها سمكا في وسَطِه" فقالَ أبوها "بحقِ اسمِ اللهِ عليك أن تخلصي لنا هذا الشاب، حتى أجعلَه وزيري، وهل فيك هذه الفضيلةُ ولم أعلم؟ فخلصيه حتى أجعلَه وزيري، لأنه شابٌ ظريفٌ لبيب" فقالت له "حبا وكرامة!" ثم أخذت بيدِها سكينا وعمِلت دائرة و... أدركَ شهرزادَ الصباح فسكتت عن الكلامِ المباح. 

 


[1]  فأسي، في الأصل كتبت فاسي بدون همزة على الألف.

[2] يهن، من هان أي سَهُل.
[3] رددت الباب، رد الباب تستخدم في المصرية بمعنى أغلقه ربما بغير إحكام، وهذا المعنى وجد في معجم حديث وليس الوسيط. ولكن لا أرى أن هذا المعنى يبعد كثيرا عن المعنى العربي بمعنى "أرجع" أي أرجع الباب إلى حالة الإغلاق.

[4] الطَّبَق بدون ألف في لسان العرب هو غطاء كل شي، واعتقد أن هذا هو المعنى المقصود هنا، لكن الكلمة كتبت على تلك الشاكلة (طابق) بالألف في أكثر من موضع، لوصف غطاء سرداب في الأرض.
[5]  في الأصل "خمسة"
[6]  مَقالي جمع المِقْلاة والمِقْلَى: الذي يُقْلَى عليه.

[7]  الإِقرارُ: الإِذعانُ للحق والاعترافُ به. أَقَرَّ بالحق أَي اعترف به.
وقد قَرَّرَه حتى أَقَرَّ.


[8]  الطَرْف: العين
[9]  سَجَمَتِ العين الدمع والسحابةُ الماء تَسْجِمُه وتَسْجُمُه سَجْماً وسُجُوماً وسَجَماناً: وهو قَطَران الدمع وسَيَلانه.
[10] الحوائج: جمع الحاجة وهي المأربة، وكتبت هنا بالياء، وقلب الهمزة ياء كثير في المصرية واللغات الأخرى في المنطقة.
[11] هَمَلتْ عينُه تَهْمُل وتَهْمِل هَمْلاً وهُمُولاً وهَمَلاناً وانْهَمَلتْ فاضت وسالت.
[12]  الصِّنْدِيدُ: الملك الضَّخْم الشريف.
[13] الرَّدى: الهلاكُ.

[14] القصعة هي وعاء كبير يؤكل فيه ويثرَد وتصنع من الخشب أو من معدن أو من الفخار.

[15] يقال رَيِّسٌ مثلُ قَيِّم بمعنى رئيسٍ (لسان العرب). وفي مصر تطلق تلك الكلمة حتى الآن على قائد المركَب.

[16] يشَّوش، شوش تشويش، كلمة ذكرت في لسان العرب بمعنى يخلط الأمر، ولكن لسان العرب أيضا ذكر أنها ربما كانت دخيلة على العربية.
[17]  هنا يهني بدون همزة، لم أعثر عليها في المعاجم العربية المتاحة لي، وهي صيغة مصرية، أما العربية فهي: هنأ يهنئ. وقد كتب بالصيغة الأولى في أكثر من موضع.
[18]  الدَّرْجُ الذي يُكتب فيه، وكذلك الدَّرَجُ، بالتحريك.

[19] لخبط كلمة مصرية بمعنى أحدث اضطرابا.
[20]  استمَدَّه: طلب منه مددا. واستمَدَّ من الدواة أي أخذ منها حبرا. والصحيح استمددتُ


[21]  قلم الرقاع: أحد الخطوط العربية. ويختلف فيما إذا كان هو نفسه خط الرقعة.

[22] رَقَمَ الكتاب يَرْقُمُهُ رَقْماً: بينه بوضع نقاط فوق الحروف، حيث من المعروف أن اللغة العربية كانت تكتب بدون نقاط ثم أضيفت إليها النقاط في وقت لاحق. وكتاب مَرْقُوم أي قد بُيِّنتْ حروفه بعلاماتها من التنقيط.

[23]  القلم الريحاني: خط الريحان أو الخط الريحاني هو خط عربي تطول فيه الألف واللام مثل أعواد الريحان.

[24]  الحُلَّة رِداء وقميص وتمامها العِمامة، قال: ولا يزال الثوب الجَيِّد يقال له في الثياب حُلَّة.
[25]  النوبة: من غير الواضح لي معنى هذه الكلمة في السياق، وربما أقرب المعاني هي: الجماعة من الناس، ولكنها مازالت مبهمة.
[26] يتفرجون، تفرج: شاهد للتسلية، وهي كلمة مصرية، ولم أعثر عليها في المعاجم العربية القديمة المتاحة لي، ولكنها دخلت إلى الوسيط بهذا المعنى.

[27]  الطواشي هو الخَصي، حيث كان يتم إخصاء بعض المستعبدين ليعملوا بين النساء، وهي عادة قديمة امتدت إلى عصر الدولة الإسلامية.
لم أعثر على الكلمة في المعاجم العربية القديمة ولكن وفقا لأحد المصادر فهي من أصل مشرقي، ويقول ابن خلدون شارحا هذا البيت:
دار ابن لقمانٍ علـى حـالـهـا
والقيدُ باقٍ والطواشي يصيحْ

"الطَّواشي في لغة أهل المشرق هو الخصيُّ، ويسمّونه الخادم أيضاً".
ومن غير الواضح لي معني "أصل مشرقي" فهل يقصد أرامي مثلا؟!!! ولكن يرى البعض أنها تركية وشاعت في زمن المماليك والعثمانيين في مصر.
[28]  القِرطاس: الصحيفة التي يكتب فيها.
[29] أناجر، أرجح أنها جمع "أنجر" أي طبق كبير ربما من النحاس. ولم أعثر عليها في المعاجم العربية. وقد سمعتها تستخدم في مصر.

[30]  ماجت، ماج: ارتفع الماء واضطرب، ومنه كلمة موج.
[31] الأبيات للشاعر شهاب الدين المنصوري، ولد في المنصورة بمصر عام ١٣٩٦ ع ر (م)
[32]  الكنافة نوع معروف من الحلوى لكن من غير الواضح لي معنى كلمة زائد هنا.
[33] مُنهلا، نهِلَ أي شرب،
[34]  جرعاء: الأرض بدون نبات
[35]  القَطر: المطر، والكلمة أيضا تعني المحلول السكري من سكر وماء يتم طبخه على نار هادئة حتى يتماسك قوامه ثم تسقى به الكنافة، وهنا يتضح اللعب باللفظ بمعنيه. ولكن المعنى الأخير لم أعثر عليه في المعاجم العربية المتاحة لي.

[36]  الأبنوس: خشب أسود، موطنه أفريقيا وجنوب آسيا.
[37]  لُجَّةُ البَحْر: حيث لا يُدْرَكُ قَعْرُه.